نظام محمد بن زايد… حين يصبح الوطن رهينة أطماع الخارج

ضل الحراز : بقلم: علي منصور حسب الله

 

 

من بين رمال الخليج المتوهجة بالثروات والنفط، ومن قلب مشروع إماراتي بدا ذات يوم واعدًا، تطفو اليوم إلى السطح حقائق مرعبة عن تحوّل دولة الإمارات، على يد محمد بن زايد، إلى رأس حربة في مشروع تخريبي يهدد الأمن القومي العربي، ويشوّه صورة الإمارات، بل ويُهدد مستقبلها كدولة وشعب.

ولعل البيان السياسي الصادر عن “جماعة التغيير الإماراتية”، والممهور بتوقيع الدكتورة مريم محمد الطاير، هو الوثيقة الأكثر شجاعة في تفكيك هذا المشروع، ووضع أصابع الاتهام مباشرة على نظام محمد بن زايد. وهو بيان لا يكتفي بالنقد، بل يطالب بالمحاسبة، ويدعو إلى استعادة الدولة من قبضة ما وصفه بـ”التحالف الخفي بين الشركات الأمنية والسلطة الوراثية”.

إدانة مباشرة لسياسات أبوظبي الخارجية

لم يعد الصمت داخل الإمارات ممكنًا في وجه مشروع تخريبي دمّر دولًا عربية بأكملها رغم أن بعض الأبواق الإماراتية من السودانيين يبررون أفعال النظام الإماراتي على شاكلة نصر الدين عبد الباري إبن الفكي حسين عبد الباري للأسف ففي وقت يدّعي فيه نظام أبوظبي دعم التحول المدني الديمقراطي في السودان، تعلو من الداخل أصوات تطالب بنهاية النظام الوراثي، الذي تحتكره العائلات الست الحاكمة: آل نهيان في أبوظبي، آل مكتوم في دبي، آل القاسمي في الشارقة ورأس الخيمة، آل النعيمي في عجمان، آل معلا في أم القيوين، وآل الشرقي في الفجيرة.

هذه العائلات، التي شكّلت الاتحاد في عام 1971، أصبحت بحسب الجماعة عقبة أمام أي تطور سياسي حقيقي في الدولة، وحجر عثرة أمام تداول السلطة بين مكونات الشعب، باعتبار أن مبدأ التداول السلمي للسلطة يشكل ضمانًا من ضمانات حقوق الإنسان. لكن الأزمة الأعمق لا تتعلق فقط بنظام الحكم الوراثي ، بل بمسار الدولة في السياسة الخارجية. فبيان “جماعة التغيير الإماراتية”، الموقع من الدكتورة مريم محمد الطاير، يرسم صورة مقلقة لنظام يقود الإمارات نحو الهاوية، حسب تعبير البيان، بتفريطه في السيادة الوطنية، وانخراطه في تدخلات دامية في الدول العربية.

خاصة فيما يتعلق بالجزر المحتلة وصمت النظام الإماراتي تجاهها يصف البيان تفريط الحكومة الإماراتية في السيادة، خاصة فيما يتعلق بالجزر المحتلة منذ احتلال إيران لجزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى عام 1971، حيث لم يُسجل للنظام الإماراتي أي خطوات دولية أو قانونية جادة لاستعادتها بل تميز الموقف الرسمي بصمت إعلامي مريب، وخنوع سياسي أمام طهران، بينما تُقمع الأصوات الوطنية المطالبة باستعادة الجزر، ويُفتح المجال أمام المطبعين والمتخاذلين.

فالتدخلات الخارجية: من السودان إلى الصومال تتزايد من الخرطوم إلى عدن، مرورًا بطرابلس الغرب ومقديشو ، وتصبح سياسة الفوضى هي السائدة. ففي السودان، لعبت الإمارات دورًا محوريًا في دعم قوات الجنجويد بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، عبر عمليات تهريب للأسلحة والعتاد تحت غطاء استخباراتي إماراتي. الهدف، كما يقول البيان، لم يكن سوى السيطرة على مناجم الذهب السوداني، وتأمين نفوذ استراتيجي في قلب إفريقيا. أما في ليبيا، فقد دعمت أبوظبي ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر ضد الحكومة المعترف بها دوليًا، ونفّذت ضربات بطائرات مسيرة، في خرق واضح لحظر السلاح الدولي، لتحوّل ليبيا إلى ساحة نفوذ مشترك بين الإمارات وفرنسا. وفي اليمن، تحولت المشاركة الإماراتية في التحالف العربي إلى مشروع انفصال خفي. أنشأت بموجبها ميليشيات انفصالية، أبرزها “الحزام الأمني” التي تعرف بقوات الدعم والإسناد في المناطق الجنوبية حيث تتخذ من جنوب اليمن مقرًا لها بما في ذلك عدن، لحج وأبين ودعمت “المجلس الانتقالي الجنوبي” لتنفيذ مشروع تقسيم اليمن، بالتوازي مع نهب الموانئ والجزر، مثل جزيرتي سقطرى وعبد الكوري وما حولها التي تقع بالقرب من باب المندب، والممر يقع ضمن السياسة الصهيونية والأميركية الهادفة للسيطرة على المنافذ البحرية ، من أجل السيطرة على الملاحة البحرية كذلك إقامة النظام الإماراتي سجون سرية لتعذيب المعارضين مما اضطر الرئيس اليمني المخلوع، هادي منصور عبد ربه التحذير من تقسيم اليمن حيث طلب من المملكة السعودية يومها التدخل في لجم الخطط الإماراتية لتقسيم اليمن والسيطرة على القسم الجنوبي والجنوبي الغربي منه حتى الصومال لم تسلم من التدخل الإماراتي؛ فقد تم تمويل محاولات انقلاب، وإنشاء قواعد عسكرية دون موافقة الحكومة المركزية، وتغذية الفوضى عبر دعم ميليشيات محلية، بهدف تحقيق السيطرة على الموانئ وتوسيع النفوذ الاقتصادي.

الإمارات صارت دولة شركات ومرتزقة بشهادة سياسيين إماراتيين أسسوا جماعة التغيير

التي أدانت عبر بيان هذه السياسات بوصفها “جرائم ممنهجة”، ودعت إلى تدويل ملف تدخلات الإمارات عبر المحاكم الدولية. ويُعد مسعى الحكومة السودانية للجوء إلى محكمة العدل الدولية خطوة لا يجب فقط تأييدها، بل تشجيعها من قبل كل الدول المتضررة، وحتى من الوطنيين داخل الإمارات. لأن النظام الإماراتي حول الإمارات إلى دولة تُدار بشبكة معقدة من المؤسسات الأمنية والاقتصادية في الظل منها شركة “بلاك شيلد” التي لعبت دورًا رئيسياً في نقل المرتزقة إلى ليبيا واليمن والسودان، بينما استخدمت “إنترناشيونال جروب” للتجارة كغطاء لتهريب الذهب السوداني. كذلك، تحولت موانئ الإمارات، وعلى رأسها جبل علي، إلى منصات لوجستية للعمليات العسكرية.

أما شركة “إيدج” العسكرية، و”جهاز الإمارات للمعلومات”، فيُستخدمان لمراقبة الداخل، ودعم ميليشيات الخارج، وتكريس سياسات الدولة الأمنية. ويعتمد النظام الإماراتي على سلاح الإعلام، عبر أذرع إعلامية مثل “سكاي نيوز عربية” و”العربية”، لتقديم الإمارات كداعم للاستقرار، بينما تنخرط في تأجيج الصراعات.

ومن خلال الذباب الإلكتروني، تُشوَّه صورة المعارضين، وتُروّج سياسات النظام على أنها جزء من “حرب على الإرهاب”، في حين أنها تخدم أجندة السيطرة والنفوذ.

هذا النظام المتهم… لا يمثل شعب الإمارات

هذه الجملة التي تلخص جوهر هذا التحرك تقول: “الشعب الإماراتي بريء من هذه السياسات” فما يجري اليوم هو اختطاف كامل لصورة الإمارات، وتوظيف مقدراتها الاقتصادية والعسكرية في مشاريع لا تمت بصلة لمصلحة المواطن الإماراتي، بل إن هذه المشاريع تعرضه لمخاطر العزلة، العداء الإقليمي، وتزايد الكراهية ضد بلده في المحيط العربي.

إن ما يجري هو مقامرة بمستقبل الدولة، لصالح نفوذ شخصي لعائلة حاكمة، وبتحالفات أمنية واقتصادية مشبوهة، ليس آخرها التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني، والتحالفات الخفية مع ميليشيات تمتهن القتل والنهب.

فهل تتحمل الإمارات ثمن مغامرات بن زايد؟

إن ما يطرحه بيان “جماعة التغيير” ليس فقط تشخيصًا لأزمة سياسية، بل تحذيرًا وجوديًا. فالإمارات تواجه اليوم خطرين:

1. خطر خارجي: يتمثل في التورط العسكري والمخابراتي في دول عربية، ما يجعلها عرضة للملاحقة القانونية والعقوبات الدولية.

2. خطر داخلي: يتمثل في غضب شعبي مكتوم، وفي تصاعد دعوات علنية – لأول مرة – لإسقاط نظام التوريث السياسي، وتفكيك منظومة الحكم الوراثي.

وما لم يتم كبح جماح هذه السياسة، فإن الإمارات تسير، لا محالة، نحو زلزال داخلي يتقاطع مع انفجار خارجي، لن يرحم.

لذلك المطالب العادلة لجماعة التغيير التي لم يكتفِ ببيان بالإدانة، بل وضعت خريطة طريق واضحة منها :

محاسبة نظام محمد بن زايد على التفريط في السيادة على الجزر الإماراتية المحتلة.

محاكمة تدخلاته في الدول العربية دوليًا.

سحب الإمارات من كل النزاعات الخارجية.

إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

تشكيل لجنة وطنية لإعادة تقييم السياسة الخارجية.

ختامًا: التغيير آتٍ لا محالة وتؤكد “جماعة التغيير” أن الإمارات ليست دولة شركات ومرتزقة، بل هي وطن يجب أن يعود لأهله.

وتحذر من أن التمادي في القمع والتورط الخارجي لن يُبقي للنظام شرعية، ولا للبلد أمنًا.

المعركة اليوم ليست بين الإمارات والسودان أو اليمن أو ليبيا، بل بين من يريد للدولة أن تبقى وطنًا، ومن حوّلها إلى أداة هيمنة إقليمية.

وهنا، لا بد من القول إن دعم تحرك السودان نحو محكمة العدل الدولية ليس فقط حقًا قانونيًا، بل جزء من معركة تحرير الإمارات من مشروع الخراب الممول باسمها. فالشعب الإماراتي بريء من هذا المشروع التخريبي

إن الجرائم التي تُرتكب باسم الإمارات لا تمثل إرادة شعبها.

الهجمات الوحشية التي تنفذها ميليشيا الجنجويد، بدعم إماراتي مباشر، في معسكر زمزم بمدينة الفاشر، تمثل جريمة حرب يجب أن يُحاسب عليها كل من تورط فيها، سياسيًا أو مادياً. وتؤكد “جماعة التغيير الإماراتية” أنها ستواصل مسيرتها في كشف الحقيقة، والدفاع عن العدالة، ورفض استغلال اسم الإمارات في مشاريع الهيمنة والتخريب. يجب عدم الصمت، وعدم التراجع، حتى تعود الإمارات لشعبها؛ دولة قانون وعدل، لا دولة شركات وميليشيات فالتغيير ليس خيارًا… بل ضرورة وطنية، وحق مشروع لكل إماراتي حرّ.

اخترنــــا لك