بورتسودان – بليل، جنوب دارفور –

 

في حادثة مثيرة للجدل، تم فصل صلاح الدين أحمد إسماعيل الشهير ب (الموج)، رئيس ما يُسمى بـ “الإدارة المدنية” والمدير التنفيذي لمحلية بليل في ولاية جنوب دارفور، من جميع مناصبه في المحلية إثر فضيحة تتعلق بسرقة وحدات طاقة شمسية من مخازن المحلية. الحادثة التي أثارت غضب المواطنين في بليل، تسببت في موجة من الاستهجان والانتقادات الشديدة تجاه الموج، مما دفع رئيس الإدارة المدنية الولائي يوسف إدريس إلى تشكيل لجنة تحقيق لتقصي الحقائق.

 

سرقة وحدات الطاقة الشمسية: استغلال للمساعدات الإنسانية؟

 

كانت الوحدات الشمسية قد تم توفيرها في إطار مشروع طاقة شمسية موجه لتحسين ظروف الكهرباء بالمؤسسات الحيوية خاصة المراكز الصحية النائية داخل محلية بليل ضمن مشروعات تنموية تموّلها المنظمات الإنسانية. وفي خطوة غير متوقعة، تم الكشف عن أن الوحدات التي كانت من المفترض أن توزع للمؤسسات قد تم سرقتها من مخازن المحلية، حيث تم تحويلها إلى السوق السوداء بدلاً من استخدامها لتلبية احتياجات المنطقة.

 

بحسب تقرير لجنة تقصي الحقائق كشف أنه تم التلاعب بالإجراءات، لتسهيل سرقة هذه الوحدات. اللجنة تمكنت من استعادة بعض منها من السوق بعد تحريات دقيقة، مما كشف عن حجم الفساد المستشري وسط قادة الإدارة المدنية

 

موجة من السخرية في بليل: “صلاح طاقات”

 

من جهته، شنَّ المواطنون في محلية بليل هجوماً لاذعاً على صلاح الموج، حيث عبروا عن استهجانهم بالطريقة التي تم التعامل بها مع هذه القضية، معتبرين أن الفضيحة تمثل إساءة كبيرة لسمعة الإدارة المحلية. ونقل شهود عيان أن عدداً من المواطنين بدأوا في استخدام تعبير “صلاح طاقات” (في إشارة إلى سرقة الوحدات الشمسية) للتندُّر على ما اعتبروه سلوكاً غير مسؤول من الموج. هذا التعبير، الذي سرعان ما أصبح حديث الساعة في الشارع البليل، يعكس بشكل صارخ مشاعر الاستياء تجاه من تم اختياره لقيادة محلية بليل.

 

تعليقات وتحقيقات إضافية:

 

موقف السلطات المحلية: وفي إطار الاستجابة لهذه الفضيحة، أكَّدت السلطات المحلية في بليل أن التحقيقات جارية لكشف كافة التفاصيل المتعلقة بالحادثة. وقال المتحدث الرسمي باسم المحلية: “نحن ملتزمون بتقديم المسؤولين عن هذا التصرف الشائن إلى العدالة، كما نؤكد أن هذه الحادثة لا تعكس سياسة الإدارة المحلية بشكل عام”.

 

حجم الضرر: في حين أن بعض الوحدات الشمسية قد تم استعادتها من السوق، إلا أن حجم الخسائر المالية يُقدّر بعشرات الآلاف من الجنيهات السودانية، وهو ما يعكس التلاعب الكبير بالموارد المخصصة لخدمة المواطنين في هذه المنطقة الفقيرة.

 

المطالبات الشعبية: وفي ظل هذه الفضيحة، طالب العديد من مواطني بليل بإقالة جميع المسؤولين المعنيين بالحادثة وتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في كافة المشاريع التنموية التي تم تنفيذها في المنطقة خلال الفترة الأخيرة. وأضافوا أن فساد كهذا يجب أن لا يُمرَّ مرور الكرام.

 

 

تحليل الوضع الحالي في محلية بليل

 

تعتبر محلية بليل إحدى المناطق الأكثر احتياجاً في ولاية جنوب دارفور. يعاني المواطنون من انعدام الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه النظيفة، ما يجعل من مشروعات الطاقة الشمسية خطوة هامة لتحسين ظروف حياتهم. لكن الأحداث الأخيرة سلطت الضوء على غياب الرقابة وضعف إدارة المشروعات التنموية، مما يثير القلق بشأن مستقبل المشاريع الإنسانية في هذه المناطق.

 

إن هذا الحادث يفتح باباً واسعاً للتساؤل حول كيفية إدارة المساعدات التنموية في مناطق النزاع، ويثير مخاوف من أن يتم استغلال هذه المشاريع لأغراض شخصية على حساب احتياجات المواطنين. كما يُحتمَ على السلطات المحلية تبني آليات رقابية صارمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث.

 

الخاتمة:

 

ما حدث في محلية بليل يعد جرس إنذار للجهات المعنية، ويضع المزيد من الضغوط على الحكومة المحلية والحكومة المركزية للعمل بشكل جاد في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في تنفيذ المشروعات التنموية. إذ لا يمكن للجهود التنموية أن تؤتي ثمارها في بيئة يسودها الفساد واستغلال النفوذ.

 

من جانبه، يظل المواطنون في بليل يترقبون نتائج التحقيقات وآليات المحاسبة، في أمل أن يتم اتخاذ خطوات حقيقية لتحسين الوضع ومعاقبة المسؤولين عن هذه الفضيحة.