في حوار خاص مع “الشارع السوداني”.. العمدة جمعة حسين يكشف عن العادات والتقاليد الثقافية والاجتماعية لقبيلة البنقا (4/4)

مواصلة لمتابعة سلسلة الحلقات الحوارية واللقاءات التي اجريناها مع العمده جمعه حسين عبدالله مراد والتي شملت منطقة كفيا قنجي (النشأة ، سر التسمية ، التاريخ وافرازات الخراب) وكذلك قبيلة البنقا الأصل والتاريخ وغيرها، وحتى تكتمل الصورة نواصل الكلام عن قبيلة البنقا ثقافيا واجتماعيآ لما لها من غزارة وتعدد وتنوع، كخاتمة لهذه الحوارات واللقاءات التي أثرت الساحة التاريخية والثقافية والإجتماعية كرصيد للمكتبة السودانية.

 

 

فإلى مضابط الحوار: 

 

حاورته ببورتسودان: عادلة عادل 

 

* اذآ مرحبا بك العمدة جمعة حسين في هذه السانحة

 

* *فماذا أنت قائل عن قبيلة البنقا؟*

* شكراً الشارع السوداني على المجهودات والمتابعة وإستخلاص هذه المعلومات وعرضها للسعادة القراء الأماجد.

* اليوم نواصل الحديث عن قبيلة البنقا ثقافيا واجتماعيآ حتى نغطي معظم الجوانب الثقافية والإجتماعية مع تعددها وتنوعها والتى تشمل اللغة والدين والمعتقد والموسيقى والغناء والفلكلور والألعاب الشعبية وسبل الحياة المختلفة فالبنقا زاخرة ومليئة بهذه الأنشطة الموروثة عبر التاريخ كابر عن كابر.

* وتناولنا في الحلقة السابقة اللغة والدين والمعتقد عند البنقا بشئ من الاختصار ونقول للغة البنقا مهددات ومخاوف من الانقراض والذوبان او التلاشي مع الآخرين فمثلاً الزيجات و الانصهار والهجرات والنزوح والحروبات لها تأثيراتها على اللغة وهذا لا يعني أن البنقا تعيش معزولةً لوحدها ولكن لابد من الإهتمام بتوريث النشأ لغة الأجداد والأصل.

* أما الغناء والفلكلور والألعاب الشعبية لها إرتباط راسخ وإحساس ومشاعر جياشة وذوق فياض ومرهف تتجلى إلى مرحلة الإدمان والتعلق وله تأثيراته في حياة الفرد والجماعة خاصة عندما يتعلق بالفروسية والاقدام وذكريات ماضي الأجداد والحروبات الشئ الذي نلاحظ ان البنقا مقاتلين أشداء يعشقون الجندية ، والجدير بالذكر أن البنقا يعشقون العسكرية والجندية، و ارتبط إسم سجن شالا بالفاشر بشالا نسبة لوجود السجانة لهذا السجن من البنقا (شالا بطن من بطون البنقا) وهم الأغلبية في خدمة الحراسة بالسجن وكما يقومون بخدمة الحراسة ومعهم قبائل الدنقو ، السارا ، الكارا ويعرفون (بأولاد قورو) كناية عن البطش وقوة الجسم والشجاعة.

* وهنالك بعض الموسيقى والمارشات العسكرية الحالية في الجيش السوداني لها ارتباط بالبنقا وكيف لا والموسيقار والعازف البارع المعروف المرحوم عبدالله ابراهيم كرامة الشهير ب(أميقو) مدير معهد الموسيقى والمسرح والمتوفى 3أبريل 2004م وكذلك الفنان القامة عبد الكريم (كرومة) وهو بنقاوي الأصل من ناحية والدته مستورة بت عرضو.

* وهنالك ثلة من البنقا الذين أبدعو في مجال الفلكلور والعزف والغناء بلغة البنقا منهم على سبيل المثال لا الحصر سليمان بحش إبراهيم (جُلة) واسماعيل فتاش (عبدو) ورجب أدم (أرنعود )و كلهم في محيط منطقة كفن دبي وأما الموسيقار إبراهيم أبوسم (عمدة) في محيط منطقة سنقو.

* والجدير بالذكر هنا أن ارتباط اسم معركة سيلي ب(بُرنجية) 22/5/1916م بقيادة القائد البطل رمضان بره والإسم يعود إلى أن أصل قائد المعركة من قبيلة البنقا وسيلي بُرنجية هي ألة من آلات النفخ.

 

و المبدعين في مجال العزف كثر وعلى سبيل المثال :-

 

في منطقة كفن دبي الثلاثي :-

* المرحوم داؤود زكريا عبد الرحمن

* أحمد عبدالله أرنعود

* هاشم إسماعيل جديد

أما في منطقة سنقو :-

* ضحية جمال الدين

* زكريا أدم صابون

* ناصر الريح إبراهيم

* إبراهيم عثمان (جيمه)

* عثمان عيسى

* محمد رجب

 

اذكر لنا بعض الألات الموسيقية عند البنقا؟

 

* آلة إلسِّلي

* آلة النُقارة مصحوبة بطمبل

* آلة الرَّبابة

* آلة التُرُمِبيت.

 

*لعمدة جمعة لأي قبيلة رقصات شعبية تتميز بها ممكن تذكر لنا بعض من أسماء الرقصات الشعبية عند البنقا؟

 

* رقصة الدِيقُول

* رقصة السِّلي(بُرنجي)

* رقصة الذَّرة

* رقصة المُلَّة

* رقصة السٌّرية

* رقصة البَنْدلي

* رقصة قُومُو

* رقصة قاصُورو

* رقصة تُوَاوَا

* رقصة مَرمِيةمَاكيك

* رقصة الكشوك(الكسوك)

* رقصة الشقِيري

* رقصة الدلبْكِندَا

 

حدثنا عن الجانب الإجتماعي في مجتمع البنقا؟

 

مثال/الزواج عند البنقا ومراحله:-

الزواج وسيلة للحفاظ على الأنساب وجسرتواصل الأجيال والشعوب وآلية على إعمار الأرض والخلافة، فالزواج عند مجتمع البنقا له مراحل عدة ابتداءاً من مرحلة إختيار الخطيب لمخطوبنه وحتى إلى ما يعرف بيوم (الجيزة) وهي المرحلة الأخيرة ما يعرف بالدخلة أو شهر العسل وهو ختام المراسم.

* فبدايةً عملية اختيار الخطيبة غالبآ عن طريق والدة الخطيب أوعماته أوخالاته أو أخوانه من جانب الولد وأحياناً مباشرةً بين الخطيبين وأحياناً عن طريق م يعرف ب(الإنْزال) وهو يحدث أثناء ختان البنت حيث تتقدم واحدة من الأصناف المذكورة سلفاً من جانب الولد وتدفع مبلغ معين أثناء عملية الختان كحجز المختونة لولدها أو أخيها قبل أن تُنْزَل من( القدح الكفوف) وتقوم أسرة الخطيب بالرعاية والكسوة وغيرها حتى مرحلة الزواج .

وتأتي مرحلة أخرى بعد الإختيار والحجز وهي م تعرف المرسال وبلغة البنقا (أبْدَان أو لوُوْب) ولا بد أن تتوفر لدى المرسال بعض الصفات والتى منها:-

* أن يتمتع المرسال بالقبول العام للعامة

* اللباقة في الكلام

* دبلوماسية وفن نقل الكلام بين الأطراف مع التركيز على الجانب الإيجابي وتجاوز السلبيات بغرض تلطيف الأجواء.

وبعد قيام المرسال يُعرض الطلب لأهل البنت بغرض (يُنْظر ويُفاد)

حيث تتم عملية مشورة وفحص واسع وسط أهل البنت للولد وكل من له علاقة به أي البحث عن كل م يخص الولد واسرتة من مآخذ، فإذا كانت النتيجة إيجابية يتم الرد عبر المرسال بقبول الطلب ومن ثم تبدأ مرحلة التقاليد والعادات كالزيارات الراتبة أسبوعية أو نصف شهرية حسب مقتضيات الأمر وكذلك تقديم الخدمات والمساعدات الإجتماعية من زراعة و تشييد المنازل أو أي أعمال مساعدة أخرى للأسرة.

 

كيف تتم الزيارات الراتبة التى يقوم بها الخطيب للنسابة؟ و هل هنالك اوقات يقوم فيها الخطيب بزيارة نسابته وهي:-

 

 

بعد صلاة الصبح مباشرةً

بعد صلاة المغرب و مصطحباً معه صديقه أو لوحده، يأتي ويجلس بالقرب من باب الحوش دون إبداء اي كلام ويظل جالساً حتى تستشعر الأسرة بأن هنالك ضيف على الباب واحياناً يقوم الخطيب بأخذ قشة من الحوش ويحركها استشعاراً وهذه غالبا عند زيارة الصبح، وبعد طول إنتظار يأتي الاخوان ويبادلونه الحديث والونسة بكل أدب إحترام وهدوء ومن بعدهم تأتي أم الخطيبة للتحية ومن ثم الوالد وأحياناً لا يأتي الوالدين للتحية فهذا يعني أن هناك شئ ما! ويقوم المرسال بالبحث عن معرفة الأسباب وإزالتها ويتم إختبار الخطيب ويكلف بزراعة خاصة للنسابة حتى حصادها وتخزينها لصالح النسابة وكل هذا أنبوبة إختبار للولد هل يتحمل المسؤولية أم لا لضمان مستقبل إبنتهم، وبعد إجتياز هذه المراحل بالنجاح تأتي مرحلة اكتمال مراسم الزواج أو ما يعرف بيوم الجيزة بعد أن يتم سداد المهر أو الصداق أو المال .

وفي قديم الزمان يتم دفع بندقية محلية الصنع (أبو لُفتة، كشكان، تلوتي، مزقرة) ……الخ كمهر او مال

وفي العدم سكين الضراع لحين الإتيان بالبندقية ومن ثم تأتي مرحلة الشورى التي تسبق صباح يوم الجيزة للنظر في المأخذات وسداد المال و مايعرف (الأشْنقَاي) وهو الشخص الذي قام بحمل العروس واللعب معها عند طفولتها كتقدير نظير لهذه الخدمة وتحملها ورعايتها حتى بلغت سن الزواج وتتم تسوية كل الخلافات في تلك الأمسية.

ويأتي صباح يوم الجيزة حيث يتم عقد القرآن بواسطة المأذون (الفقيه) ويقوم أحد الحاضرين بإطلاق (الكوراك، أو الكروروك) مردفاً معه عبارة (العشمان عشمو ينقطع) أي من كان له عشم في الزواج منها فاليبحث عن غيرها، وتطلق النساء الزغاريد والفرحة تعم المكان ومن العادات والتقاليد المرتبطة بالزواج عند البنقا أم العروس لا تتناول الطعام في منزل بنتها كنوع من الإحترام للنسيب إلا بعد مرور مدة طويلة وتتم مراسم بإذن الأكل وغيره.

 

أما العروس لأم العريس هذه حكاية أخرى أشبه بالتقديس وكل هذه الإجراءات والعادات تؤكد أن مجتمع البنقا مجتمع أصيل ومحافظ على القيم و مترابط لايمكن إختراقه بالثقافات الدخيلة والوافدة الغير حميدة وهكذا ينشأ البنقاوي وسط هذه الأجواء والعادات والتقاليد الحميدة والتى تهدف إلى الإحتفاظ بالموروثات والمحافظة على الإنسان البنقاوي مميزاً بين المجتمعات من حوله.

لكن اليوم مع انتشار وسائل الإعلام والوسائط والتطور والحداثة وإجتياح العالم للمجتمعات بدأ التأثير على هذه الموروثات والعادات والتقاليد مما أصبح يسبب مهدداً وخطراً على الثقافات و الموروثات وقبيلة البنقا منها.

إن قبيلة البنقا متعددة الثقافات وسبل الحياة والتي تحتاج إلى المذيد من العرض والنشر والمجال لايسع لأن كل جانب من الجوانب تحتاج لمساحات وصفحات عديدة وعلى سبيل المثال لا الحصر:-

فمثلاً :عملية الزراعة لها أطوار ومراحل عديدة من بداية تحضير الأرض ونظافتها ووضع التيراب والحشاشة والحصاد والتخزين وكل محطة من المحطات المذكورة كتاب في حد زاته.

وكذلك التقاط أو جمع الثمار من الغابات وهو إمتداد للزراعة وأنواع الثمار ومن الأنشطة الجديرة بالذكر عملية الصيد ويأتي الصيد في المرتبة الثانية بعد الزراعة من حيث الممارسة والنشاط، مراحله متعددة ومتنوعة منها صيد الأفيال والجواميس والتماسيح وجمع العسل وصيد الفاربوس(وُوْكَ) وصيد الأسماك ما يعرف ب(الحواتة) وكذلك الحصول على ريش النعام و الخيزران من الغابات والأدغال.

ويذكر أن لهذه العمليات المذكورة أعلاه تهدف إلى كسب العيش ورفد اقتصاد إنسان البنقا وتحسين أوضاعه المعيشية ولكن كل هذا في الماضي البعيد واليوم حدث تطور وتحديث في سبل الحياة وتطوير هذه المهنة مواكبة لعجلة الحياة وهنالك تغيير كبير بداً بالزراعة ووسائلها والصيد وإستحداث مهن كالتعدين والتجارة والرعي والتحديث في الوسائل المختلفة.

 

العمدة جمعة حسين وصلت معك لختام هذه الحلقات المميزة التى قد تكون بمثابة طواف لمنطقة كفيا قنجي والتعرف على قبيلة البنقا فماذا انت قائل في خواتيم هذه الحلقات؟

 

 

الحديث عن أهلك البنقا بنتنا عادلة، ذو شجون لا شاطئ له ولكن أرجو قد أكون وُفِقت بعض الشئ في تحريك المياه الراكدة الساكنة في هذا المحيط المترامي الأطراف، وكما أرجو للسادة القراء الأعزاء أن يجدوا ضالتهم من خلال هذه الحوارات والحلقات وعلى عهد بهم في مساحات أخرى مع كامل الإستعداد على الرد على ملاحظاتهم واستعلاماتهم والرد عليها سوف يكون في المستقبل القريب.

 

 

كما اتقدم عبر هذه اللحظات بخالص الشكر والإمتنان لإدارة هذه الصحيفة (الشارع السوداني ) ممثلة في مديرها الأستاذ علي منصور حسب الله والإبن عبدالعظيم الله جابو والإبنة صاحبة القلم المميز عادلة عادل وكل الطاقم على إتاحة هذه المساحات والاطلالة التى من خلالها عانقنا (الشارع السوداني).

ودمتم زخراً للوطن مع تحياتي العمدة جمعة حسين عبدالله مراد عمدة قبيلة البنقا بولاية الخرطوم