الرادار: بقلم : إبراهيم عربي
كشف الزميل الصحفي المتميز عبد الرؤوف طه عن (قضية المتعاونين مع المليشيا) في الدندر ، وقال أن الأجهزة العسكرية والأمنية قبضت علي البعض منهم وتم إطلاق سراحهم من قبل نفر من أهاليهم في الأجهزة الأمنية دون حساب أو عقاب ، رغم إنهم من الحواضن وولغوا في هتك دماء أهل الدندر بالإرشاد قتلوا وشردوا أهلها ونكلوا بهم .
في الواقع لعبت الحواضن دورا رئيسيا شجع المليشيا وساعدتها في عمليات القتل والتي لم تستثني حتي النساء والأطفال والعجزة ودفنت بعضهم أحياء وبل نهبت وأسرت وأذت واغتصبت وإنتهكت حرمات المواطنين وشردتهم وأفقرتهم واحتلت بيوتهم ودمرت البني التحتية ، ومكن هؤلاء المتعاونين المليشيا من تكوين حكومات إدارية في مناطق سيطرة الدعم السريع المتمردة ، وبالتالي فإن تخوف الزميل عبد الرؤوف طه في محله تماما وربما تقود لعواقب مجتمعية يصعب السيطرة عليها في ظل الغبن الكبير في نفوس المظلومين ، وتوقع عبد الرؤوف أن تقود لنذر إقتتال قبلي بالدندر ..!.
بكل تأكيد أثار الزميل عبد الرؤوف طه قضية مجتمعية مهمة وهي بلا شك قضية يتوقع ان يشاهدها الجميع غدا وبالألوان ، في ظل تقدم القوات المسلحة لدحر هذه المليشيا ، ليس في الدندر لوحدها فحسب ، والتي لم تتجاوز فترة وقوعها في حضن المليشيا (خمسة) أشهر ، وبل برزت هذه التحديات في سنجة حاضرة ولاية سنار والتي سجلت رقما قياسيا من حيث تعدد الحواضن والطابور الخامس والخلايا النايمة تفوقت بها علي مدني حاضرة ولاية الجزيرة والتي عشعشت فيها المليشيا (12) شهرا .
علي كل ذات المشكلة يتوقع أن تواجهها كل المناطق التي وقعت تحت وطأة مليشيا الدعم السريع المتمردة الإرهابية أو قل (مليشيا الإمارات الإرهابية) ، لا سيما في محليتي أم روابة والرهد التي إنتهكت المليشيا حرمات أهلها ولازالت لأكثر من (18) شهرا ، والخرطوم بلداياتها الثلاثة (21) شهر ولاتزال وفي مناطق عدة بولايات شمال وغرب وجنوب كردفان ، أما في ولايات دارفور تلك مشكلة كبرى في ولاياتها (الخمسة) بكاملها فأصبحت بمثابة حرب وجودية .
أولا يجب أن نقر ونتفق بأن التعاون مع مليشيا الدعم السريع المتمردة جريمة تستوجب المساءلة والعقاب ، ولكن حساسية تكوين هذه المجتمعات وتصاهراتها
وتعايشها وتداخلاتها جعلت مثلما هنالك إدارات أهلية أعلنت عن نفسها حواضن للمليشيا، خرجت من داخلها تنسيقيات لهذه القبائل أعلنت تأييدها ودعمها للقوات المسلحة وبل إنخرط أفرادها في المقاومة الشعبية في معركة الكرامة دفاعا عن الوطن .
ونحسب أن التعاون مع المليشيا مضرا وخلف غبنا وغيظا وحنقا مجتمعيا ، وتعتبر جريمة تستوجب أن يعاقب عليها الاشخاص في جرائمهم بصورة فردية وليست جماعية ، ويجب أن تراعي فيها الأسباب التي جعلت هؤلاء يتعاونون مع المليشيا مع مقدار الجرم المرتكب وتأثيره علي المجتمع أفرادا أو جماعات وبالطبع علي الوطن .
الحكومة من جانبها وعلي لسان الناطق بإسمها وزير الثقافة والإعلام الزميل خالد اللعيسر برأت المكونات القبلية من تهمة أن جميعها حواضن وقالت أن هذه الحرب هي حرب تدمير تقودها أسرة واحدة (آل دقلو) لأهداف شخصية وأسرية ، ولتمرير أجندات دولية ، وحذرت المواطنين من ضحايا التضليل وخطر خطاب الكراهية والتفرقة ، ونصح الوزير الجميع بأن يعملوا من أجل إعادة اللحمة الاجتماعية وتعزيز القيم الوطنية الجامعة على أسس المواطنة العادلة بين جميع مكونات المجتمع .
في تقديري الخاص وحسب متابعاتي أن هنالك تعاون لبعض المواطنين مع المليشيا تم بطريقة مكرهة بالتنسيق والإتفاق فيما بينهم للمحافظة علي ممتلكاتهم وحياتهم بالقرى والفرقان ، ربما بعلم بعض الأجهزة الأمنية ولديهم تعاون معها ، وبالتالي يجب أن تعلم قيادة الأجهزة الأمنية والعسكرية أن إطلاق سراح المتعاونين والمحسوبين على المليشيا هكذا دون ضوابط قد تستفز المشاعر وتثير الشكوك وربما إتهامهم بالمحسوبية .
ولذلك اعتقد أن قضية المتعاونين مع المليشيا تحتاج لنوع من الحكمة وضبط النفس ، أكثر مما يحتاجه الذين جنحوا للسلم ، ولذلك يجب أن يتم التعامل معهم علي مستوي قيادة البلاد بتكوين آلية خاصة لها حتي لا يتم إطلاق سراحهم هكذا مثلما حدث بالدندر وقد تثير مشاكل إجتماعية .