بامتزاج تراب الوطن بدماء الحرب في السودان بالوسوسة الخناصة تعلو الأصوات مجدداً بنغمات تشكيل حكومة لتعلوا فوق القائمة الآن بلا محاحاة أو مدارة مفطنة بالمثل: لا تُعطِ قوساً لمن لا يعرف الرماية، وها نحن نرى الوجوه المجربة التي فشلت في رمي السهام عبر الأقواس التي اعطيت لهم في كل الاختبارات السابقة بإسقاطهم للسهام في أجساد آدم وحواء السودانية الاستعداد للمشاركة في فصل جديد من المسرحية السياسية، ويلح السؤال هل هي اقواس حقيقية بناءاً علي رغبة الشعب أم مجرد جولة جديدة في لعبة الشطرنج السياسية السودانية القذرة التي تسكر المواطن فلا يستطيع التمييز أو المشي مستقيماً.
المشهد السوداني الآن للقوى السياسية المختلفة في السودان تتبادل الابتسامات المصطنعة في المؤتمرات المدفوعة لغرضهم لأنا ما تحت الطاولة تتصارع خيوط المصالح بمجموعة من الممثلين المحترفين يعزفون أنغام الديمقراطية وخيار الشعب وفي جوفها مشاعر الاستعلاء السياسي بأنهم ولاة أمور هذا الزمان وصوتهم هو صوت الشعب بلا خجل أو إحساس بذنب واقعنا اليوم المُعذب في قاعات مغلقة وبعيدة عن أرض الوطن (حكومة شنط)مقترحة يخالونها كحبات لؤلؤ متناثرة علي شاطئ السودان المتلاطم الأمواج، يتحدثون عن تشكيل حكومة شعب بالكلمات العبرة من أجل المناصب وكراسيها، يا لها من أقدار للسودان أم قسمة مقسومة! يُفترض أن تكون الفكرة من وراء تلك المجامع أن كانت من أجل الوطن وناسها البحث عن مخرج للأزمة السودانية بتوحيد الجهود لمختلف المشارب السياسية بلا اقصاء، لا كتلك الحكومة الالكترونية التي تم تكوينها في دول أوربا من قبل، يبدو أن الطبقات السياسية السودانية تتفق علي شيء واحد فقط وهو لا شيء يتغير حقاً والقنطور أصله التراب.
إن الحديث عن تكوين حكومة في السودان يذكرنا بقصة ذلك الطائر الذي أراد أن يشرب ماء من بركة ماء فوجد اطفال يلعبون فانتظرهم حتي ذهبوا وتزامن ذلك مع وجود رجل ذو لحية تبدوا عليه علامات التقشف وذهد الحياة فاطمئن الطائر وهبط ليشرب فضربه الرجل بنعاله، لذلك نقول في غمرة إدعاءات نوايا الحكومة، تغض الأطراف النظر عن مأسي الصراعات الدائرة المشتعلة تحت وفوق الرماد، ويتجولون كالمبعوثون ويحملون حقائبهم من أجل حكومة الشنط ويبقى سؤال الشعب: إلي متي ستستمر هذه اللعبة؟ فالحل السياسي يبدو كالفخ.
إن الوضع في السودان ليس مجرد سطور تُكتب وتناقش لهدف سياسي، بل هو حالة من الفوضى المنظمة الباقي فيها مجرد لا شيء عدا الكلمات العذبة الرنانة لاستمرار حلقة الفوضي السياسية المفرغة؟ فالزمن وحده كفيل بالإجابة عن هذا السؤال، فالسودان في النهاية، ليس مجرد بلد، بل هو مسرح كبير تمتلئ فيه العروض بالفصول المتكررة أليس من المثير رؤية ما سيحدث في الفصل القادم؟