علي منصور حسب الله يكتب…. حول حديث مناوي وبند الترتيبات  الأمنية (1)

ضل الحراز: حول حديث مناوي وبند الترتيبات  الأمنية (1)

 

علي منصور حسب الله يكتب

 

في إفطار الصحفيين والإعلاميين الذي نظمته حكومة إقليم دارفور، وجه مني أركو مناوي، قائد حركة جيش تحرير السودان وحاكم الإقليم، اتهامات مبطنة إلى جهات لم يسمّها، مشيرًا إلى أنها تقف عائقًا أمام تنفيذ بند الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في اتفاق جوبا للسلام. وأكد أن هذا التعطيل كان أحد الأسباب الرئيسية لما يحدث الآن في السودان.

 

وجود لوبي معطل للترتيبات الأمنية

فواحدة من أكبر مشكلات السودان حتى حرب 15 أبريل كانت تأثيرات “اللوبي” الذي يعمل ضد تنفيذ الترتيبات الأمنية. هذا اللوبي ظلّ يغبش وعي صانعي القرار بأفكار ترفض استيعاب بعض المكونات الاجتماعية في القوات النظامية.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم تنفذ حكومة الإنقاذ بند الترتيبات الأمنية في اتفاق أبوجا 2005، أو في اتفاق الدوحة 2011، إلا بشكل محدود؟ ولماذا تكرّر ذات السيناريو في اتفاق جوبا 2020؟

 

المخاوف التي يُبديها البعض من تحول قوات الحركات المسلحة إلى مليشيات جديدة، قد تكون مبررة في ظاهرها، لكن كما قال مناوي: هناك فرق جوهري بين الحركات المسلحة والمليشيات.

 

وإذا تساءلنا ما الفرق بين الحركات المسلحة والمليشيات القبلية؟

 

نقول الحركات المسلحة لم تحمل السلاح طمعًا في السلطة فقط، بل جاءت نتيجة مظالم سياسية واجتماعية، وأبرزها انحياز الحكومة المركزية لمكونات معينة على حساب أخرى.

 

خذوا أزمة دار مساليت مثالًا في عهد والي غرب دارفور محمد أحمد الفضل (دقشم)، عندما تم خلق إمارات لا تستند إلى الأعراف القبلية، مما أدى إلى اشتعال التوترات. هذا إلى جانب تقارير الأمن الشعبي الكاذبة التي كانت تهدف إلى شيطنة مجموعات سكانية بعينها، وهو ما دفع البعض إلى التمرد وحمل السلاح.

 

أما المليشيات القبلية، فقد نشأت في أطر قبلية ضيقة، وتغذت على الخطاب العنصري، وشاركت في نزاعات قبلية مسلحة لتعزيز نفوذ مكوناتها. ولم يكن سلاحها موجهًا نحو تغيير السياسات الوطنية، بل نحو حماية المصالح القبلية الخاصة.

 

هناك ازدواجية مواقف تجاه المليشيات

 

فالمفارقة أن كثيرًا ممن يعارضون إدماج قوات الحركات المسلحة في الجيش السوداني، لم يتحدثوا عن الجرائم التي ارتكبتها المليشيات القبلية على مدى سنوات.

 

لقد قالها في فترات مختلفة الفلاتة، المعاليا، المساليت، الداجو، الصعدة، والترجم بصوت عالٍ: لقد قتلنا بسلاح الحكومة، ومع ذلك، لم يكن هناك نفس القدر من الاستنكار تجاه هذه المليشيات.

 

لو سئلت ما الحل إذن؟

 

إذا كان الهدف فعلاً هو وحدة السودان واستقراره، فإن الحل ليس في رفض وجود قوات الحركات المسلحة، بل في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية بالكامل، بما يشمل دمج هذه القوات في الجيش النظامي.

 

وقتها، لن تكون هناك مليشيات تخيف أحدًا، ولن تكون هناك مخاوف ولا يحزنون. فالدولة الحديثة لا تُبنى بإقصاء المجموعات المسلحة، بل بتحويلها إلى جزء من المنظومة الأمنية الرسمية، حتى لا تظل العسكرة سلاحًا في يد كل من شعر بالغبن.