عائلة أبو صفيطة: من جذور التعايش في دارفور إلى خيانة الأمانة

تقرير: علي منصور 

 

تعتبر عائلة أبو صفيطة واحدة من العائلات الليبية التي ساهمت بشكل كبير في تعزيز التعايش الثقافي والاجتماعي بين ليبيا ودارفور. جذور العائلة تعود إلى الشيخ محمد طاهر أبو صفيطة الذي هاجر إلى دارفور هروباً من الاستعمار الإيطالي، ليصبح لها دور بارز في دعم المقاومة الليبية، والأنشطة التجارية، والدور الديني والتعليمى في المنطقة. لكن هذه القصة الطيبة لا تخلو من خيانة قديمة أثرت على العلاقات بين الليبيين وأهل دارفور، حيث تورط نجل العائلة في دعم مليشيات قتلت أبناء الإقليم، مما فتح جراحاً قديمة في الذاكرة الجمعية لأهل دارفور. هذا التقرير يستعرض تاريخ العائلة، أدوارها الوطنية، الاقتصادية، والتاريخية، مع تسليط الضوء على الخيانة التي هزت أركان هذه العلاقة الطويلة بين الشعبين.

 

كان للشيخ محمد طاهر دوراً مهماً في دعم المقاومة الليبية ضد المستعمر الإيطالي

 

أصل عائلة أبو صفيطة:

 

تعود جذور عائلة أبو صفيطة إلى الشيخ محمد طاهر أبو صفيطة، أحد الليبيين الذين هاجروا إلى إقليم دارفور هرباً من بطش الاستعمار الإيطالي. كان الشيخ محمد طاهر من بين مجموعة من الشيوخ الليبيين الذين استقروا في المنطقة، مثل الشيخ مفتاح معيقل، الشيخ أبو بكر الغدامسي، والشيخ السنوسي محمد النار، وغيرهم. مع مرور الزمن، نشأت عائلات ليبية أخرى في دارفور، مثل آل السنوسي النفّار وآل أبو عقيلة الشيباني، الذين عاشوا بسلام وود مع مجتمع دارفور.

 

الدور الوطني للشيخ محمد طاهر أبو صفيطة:

 

لعب الشيخ محمد طاهر دوراً مهماً في دعم المقاومة الليبية ضد المستعمر الإيطالي. قام بجمع التبرعات من المهاجرين الليبيين وسكان دارفور لدعم المجاهدين في ليبيا، بما في ذلك شراء المستلزمات الضرورية كالجِمال، القِرب، والذهب. استقبل رسائل من عمر المختار وقادة المقاومة الليبية تؤكد استلامهم للدعم.

 

نشاطات اقتصادية وتجارية:

 

برزت عائلة أبو صفيطة في مجال التجارة الحدودية، خاصة تصدير الإبل إلى ليبيا ومصر. ومن هنا، نشأت علاقة مع القائد محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات مليشيا الدعم الذي عمل في تجارة الإبل في بداياته. استمرت العلاقة بين العائلة وحميدتي وتطورت مع مرور الزمن.

 

كان معيقل مفتاح قائداً بارزاً في مجال التعليم والعمل السياسي بمدينة نيالا.

دور العائلة في الفاشر ونيالا:

 

لا تزال عائلة أبو صفيطة تلعب دوراً بارزاً في الحياة العامة في دارفور. الحاج منصور أبو صفيطة، والسيد الريفي محمد صالح، ومعيقل مفتاح معيقل، يسهمون في النشاطات الاجتماعية والتعليمية بمدينة الفاشر ونيالا. كان معيقل مفتاح قائداً بارزاً في مجال التعليم والعمل السياسي بمدينة نيالا.

 

دور الشيخ السنوسي النفّار:

 

يعتبر الشيخ السنوسي النفّار من الشخصيات الليبية البارزة التي استقرت في دار مساليت. دخل دارفور مع قافلة تجارية واستقر في درجيل، حيث أصبح مستشاراً لسلطان دار مساليت وساهم في الحروب الدفاعية ضد الاستعمار الفرنسي. كما كان له دور بارز في تنظيم تجارة القوافل بين ليبيا ودارفور وتشاد، وجلب أشجار المانجو إلى المنطقة.

أسس الشيخ محمد طاهر أبو صفيطة جامع الفيزان في الفاشر، الذي أصبح منارة دينية وعلمية

الدور الديني والتعليمي:

 

أسس الشيخ محمد طاهر أبو صفيطة جامع الفيزان في الفاشر، الذي أصبح منارة دينية وعلمية. استقدم علماء من ليبيا لتدريس القرآن وعلوم الدين، مثل الشيخ أبو بكر الغدامسي وسيدي التواتي عبد الجواد. لاحقاً، أسهم السيد إسماعيل محمد طاهر أبو صفيطة في بناء معهد ديني ملحق بالجامع لتخريج الدعاة.

 

 

التأثير الاجتماعي والإصلاح:

 

كانت لعائلة أبو صفيطة مكانة مرموقة في الفاشر، حيث كان الشيخ محمد طاهر يُستشار في حل النزاعات وإصلاح ذات البين. كان له دور محوري في بناء السوق الأول بمدينة الفاشر وتشجيع التجار على بناء متاجر ثابتة.

 

الإرث الثقافي والاجتماعي:

 

خلفت عائلة أبو صفيطة إرثاً حافلاً بالإنجازات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. استمرت الأجيال اللاحقة في تطوير هذا الإرث، مثل الحاج منصور محمد طاهر، الذي يحتفظ بوثائق تاريخية تعكس العلاقة بين دارفور وليبيا.

 

تجسد قصة عائلة أبو صفيطة نموذجاً للتعايش الثقافي والاجتماعي والوطني، حيث جمعت بين الإرث الليبي والأدوار المؤثرة في المجتمع الدارفوري.

 

في الآونة الأخيرة، برزت تقارير عن تدخل بعض الجهات الليبية في النزاع السوداني.

النفار في الجنينة: 

 

الشيخ السنوسي محمد النفار، أحد المجاهدين البارزين، هاجر من واحة جالو في ليبيا، والتي تُعد معقلًا لقبيلة المجابرة، إلى إقليم دارفور في السودان عبر قافلة تجارية. استقر في مدينة درجيل، عاصمة سلطنة دار مساليت، وأصبح مستشارًا للسلطان تاج الدين وشقيقه بحر الدين. أسهم الشيخ السنوسي في توطيد العلاقات الاجتماعية والتجارية، وكان له دور بارز في جلب السلع والأسلحة النارية من ليبيا لدعم السلطنة.

 

من درجيل إلى الجنينة:

 

اقترح الشيخ السنوسي نقل عاصمة السلطنة إلى موقع الجنينة الحالي بعد موجة جفاف ضربت درجيل، وهو ما قبله السلطان. بذلك تأسست الجنينة كعاصمة جديدة، وأصبحت مركزًا تجاريًا واجتماعيًا مهمًا.

 

جهوده التجارية والعسكرية:

 

مارس الشيخ السنوسي تجارة القوافل بين دار مساليت ودول الجوار مثل تشاد وليبيا ونيجيريا. كما أسهم في إدخال زراعة المانجو إلى المنطقة. على الصعيد العسكري، قاد الشيخ قوافل أسلحة لدعم السلطنة وشارك في المعارك ضد الغزاة الفرنسيين، أبرزها معركة دروتي عام 1911، التي هُزم فيها الفرنسيون وقتل قائدهم الجنرال مول.

 

اتفاقية مع البريطانيين:

 

في عام 1919، قاد الشيخ السنوسي وفدًا من دار مساليت للتفاوض مع البريطانيين في الفاشر، ما أسفر عن اتفاقية انضمام السلطنة للتاج البريطاني، مانعًا بذلك الاحتلال الفرنسي.

 

الوفاء لوطنه الجديد:

 

توفي الشيخ السنوسي النفار في الجنينة عام 1952 بعد حياة حافلة بالتضحيات والإنجازات. واصل ابنه مصطفى السنوسي نهج والده، وأسهم في تطوير التجارة والزراعة، خصوصًا زراعة الفول السوداني.

 

 

الهجرات الليبية إلى دارفور:

 

وفد الليبيون إلى دارفور مدفوعين بأسباب مختلفة، منها التجارة والرعي والهروب من الاحتلال الإيطالي. استقرت بعض الأسر في مدن مثل الفاشر وودعة والدور، فيما واصل آخرون هجرتهم إلى تشاد وأفريقيا الوسطى. من أبرز القبائل الليبية التي هاجرت: الفرجان، المجابرة، الزوية، الورفلة، وأولاد جابر.

 

أدوار الليبيين في دارفور:

 

أسهم الليبيون في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية. على سبيل المثال، كانت أسرة أبو صفيطة والأخوين مبروك وعمر عبد القادر نشطين في التجارة الحدودية. كما ساهموا في دعم ثورة عمر المختار ضد الإيطاليين، ووجدوا في دارفور ملاذًا آمنًا.

 

خيانة نجل الأسرة بتورطه في دعم مليشيات قتلت أهل دارفور مثلت طعنة في ظهر أهل الإقليم

 

التدخل الليبي في السودان:

 

في الآونة الأخيرة، برزت تقارير عن تدخل بعض الجهات الليبية في النزاع السوداني. وفقًا لتقارير صحفية، دعم أمير الحرب خليفة حفتر مليشيا الدعم السريع بقيادة حميدتي، ما أثار مخاوف من تصاعد الصراع السوداني إلى حرب بالوكالة.

 

 

 

خيانة نجل أبو صفيطة:

 

بعد اشتداد الحرب في الفاشر وارتفاع أصوات الاستغاثة وسط الدمار، قام اللواء/ فيصل معلا، قائد القوة المشتركة ضاربا أروع الأمثلة في التضحية والتفاني.

عندما طرق أفراد أسرة “أبو صفيطة” بابه فوجدوه مستعدًا لإعانتهم، متجاهلًا كل المخاطر والقيود. بقرار شجاع وإنساني، أشرف شخصيًا على تأمين خروج الأسرة إلى الأراضي الليبية، حرصًا على سلامتهم، متجردًا من الحسابات العسكرية الضيقة، واضعًا حياة الأبرياء فوق كل اعتبار.

كان ذلك اليوم شهادة على القيم التي تربي عليها ضباط المشتركة وكان قبل أكثر من مائة عام رفض الجنود السودانيين انتهاك اعراض حرائر ليبيا بعد إنتصار الجيش البريطاني علي الايطالي وسمح القائد البريطاني بأن يستبيحوا المدن الليبية لكن الجنود السودانيين رفض ذلك وكما أن اتباع عمر المختار وجدوا دعما كبيرا من الشعب الدارفوري حتى وصى عمر المختار اتباعه بأن يستوصوا خيرا باهل دارفور ويردوا الجميل يوما ما لكن نجل أبو صفيطة خان كل تلك العهود وطعن اهل دارفور من الخلف بمشاركته في قتل أهل دارفور.