(عكس الهوا) خالد تكس يكتب (الانتقام الحارق جنوبًا وشمالاً

الحركة الشعبية ومليشيا الجنجويد وجهان لعملة تافهة لن تسدد ثمن الأرواح المغدورة والدماء المهدورة بالادعاءات والاكاذيب .والان كلفة وجودهما أصبحت عالية اثقلت كاهل المجتمعات هنا وهناك بالقتل والتشريد والدمار والخراب لأنهما قدمتا نموذجين من أسواء النماذج فكرا وسلوكا وممارسة وبديهي جدا أن يلتقيا في التآمر علي السودان.

انتظرت مجتمعات دول العالم النامي طويلا وهي تتلمس خطوات النهوض وسبل تحقيق التنمية الشاملة علي هدي موجهات فكرية وايدلوجية ألهمت رواد التحرر الوطني بشعارات كبيرة فهما وعميقة معنا واثمرت مؤلفات ومجلدات وصيغت نظريات كانت محركا لكثير من قادة التحرر ومفجري ثورات التغيير الذين تبنوا وتصدوا لقضايا الجماهير والشعوب بصدق .ولكن لاحقا ظهرت كثير من أشكال المسوخ الفكرية والسياسية التي زيفت الشعارات وشوهت التجارب وربما زورت حتي التاريخ لأن غايتها اصلا كراسي الحكم نزولا لرغبة قادة جهلاء حملتهم الأقدار والمصادفات ليعتلوا رقاب الناس لاتعوزهم المعرفة وحدها بل حتي الصدق مع النفس دوافعهم انتهازية ونواياهم وصولولية ونظرتهم سوداوية لايملون تكرار السرديات السمجة من شاكلة المظالم التاريخية والمطالب التنموية وبكاءيات التميز الاجتماعي والعرقي بدموع التماسيح رغم أن السلوك والممارسة يؤكدان كما ثبت بالوقائع والشواهد سطحية الانغراس في المنابت الايدلوجية التي يتمشدق بها قادة الغفلة كأنما أفكارهم ليست هي ذات الافكار قادت الي نماذج ناجحة في مجتمعاتها و حافظت عليها علي الاقل مما يعني أن العيب يكمن في هذه المسوخ العاجزة عن أن تكون صالحة للاقتداء بها في المعارضة أو الحكم.وفاشلة ايضا في بناء منظومات فكرية أو سياسية متماسكه برؤي وقيم تنقل الوعي الجمعي نحو مراقي التحضر تحاكي نبل السندانستا مثلا أو غيرها من ألاساطير البازخة كفارس الامل بريستس في تراث الادب الثوري علي صعيد الروافد المعرفية الإنسانية الذي تدعي الانتماء لها.

فتقزمت الحركة الشعبية وتناسلت الي مجموعات تتقاتل وتتصارع قبليا وعرقيا وداست علي الشعارات السابقة فلم تقدم مشروعات تنموية ذات بال سوي بعض الصروح القشرية كالفنادق والبارات والمطاعم الفاخرة التي قادت الي سلوك استهلاكي يكرس مذيد من التبعية العمياء فبدلا عن الاجتهاد في سبل وتدابير الانعتاق مضت نحو الانقياد لإرضاء طموحات قادة فاسدون لذلك لاتزال ذات معسكرات النازحين التي انشات منذ مجاعة بحر الغزال نهاية الثمانينات تشهد تذايد اعداد القادمين وليس تناقصها في الولايات المتاخمة لدولة جنوب السودان.وكذلك ظل الحال في بعض اطراف مدن الشمال وهنا تثور تساؤلات..حول لماذا وكيف سقطت تلك الشعارات البراقة ..وهل ماظهر من مؤشرات يعزز فرضية عدم استيعاب نظريات البناء ام يعود الي قصور بنيوي ويؤكد الفهم السطحي الذي لم يبقي علي هذه الماسي فحسب بل ادي الي أعاقت أو تأخير النضج الفكري والعاطفي ايضا لتتساوي الحركة الشعبية رغم سنوات خبرتها مع مليشيات الجنجويد في نفس هذه السمات التي تعبر عنها سلوكيات وممارسات يغلب عليها الانتقام بلا تميز كنوع من التعويض نتيجة الاحساس بالقصور والضعف والتهرب من مواجهة الحقيقية وبالتالي تصبح الكلمات اسقاط والتصرفات الهوجاء نوع من التعبير غير الواعي فتبقي الجروح مفتوحه وفقا للمثل الصيني. وفشل الحركة الشعبية في تطبيق تجربة راشدة لا تختلف كثيرا عن ما قدمته المليشيا في إداراتها المدنية من تشريد للناس وطردهم من بيوتهم وقراهم…فالاولي فشلت في أقامت مشاريع بني تحتية تغري بالبقاء والأخيرة تدمرها وتحرقها…رغم الادعاءات لافرق.ولامناص من مواجهة هذا الانحطاط الا بالحسم .