ضل الحراز: علي منصور حسب الله
تمكنت القوات المسلحة السودانية من تحقيق نصر جديد ومهم بتحرير مدينتي الخوي وأم صميمة، في خطوة لا يمكن وصفها إلا بأنها نقطة تحول استراتيجية على طريق التحرير الكامل لمناطق السودان التي وقعت تحت قبضة المليشيا طيلة العامين الماضيين.
تقع مدينة الخوي في ولاية غرب كردفان، وتُعد من أبرز المدن ذات البعد الاستراتيجي لعدة أسباب. فهي نقطة ربط جغرافي حيوية بين غرب كردفان وولايات دارفور، كما أنها تُعد مركزاً اقتصادياً هاماً، كونها واحدة من أكبر منتجي ومصدّري الضأن السوداني، هذا المنتج الذي يحمل اسم السودان إلى أسواق الخليج والعالم. وتجلس الخوي أيضاً في قلب حزام الصمغ العربي، لكنها اليوم تبرز أهم من ذلك كله، كبوابة لاسترداد مدينة النهود، المعقل المحوري في غرب كردفان، وكمفتاح استراتيجي لبدء الزحف لفك الحصار عن الفاشر.
أما أم صميمة، بلد الخيل والكرامة، فهي ليست مجرد منطقة على الخارطة، بل تشكّل خط التماس الحدودي بين ولايتي شمال وغرب كردفان، وكانت آخر نقطة متقدمة قبل معارك استرداد النهود. السيطرة عليها تعني السيطرة على الممرات والمسارات التي كانت المليشيا تستغلها لتمرير عتادها وتحريك عناصرها بين المحاور. واللافت أن القوات المسلحة لم تستردها فقط، بل استولت على عتاد حربي وعدد كبير من العربات، وكبدت العدو خسائر موجعة، ما يدل على انهيار منظومة المليشيا في تلك الجبهة.
إن تحرير الخوي وأم صميمة ليس حدثاً معزولاً، بل هو تمهيد ميداني صريح لعودة مدينة النهود، وما قلناه سابقاً يتأكد اليوم: النهود راجعة، ومعها تتهاوى خطوط الإمداد التي كانت تستخدمها المليشيا لعزل مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، ما يعني ببساطة انتهاء الحصار عنها.
ولأن الانتصارات لا تأتي فرادى، فإن هذا التقدم النوعي يعني أيضاً أن الزحف نحو مدن الفولة، والضعين، ونيالا، وزالنجي، والجنينة قد بدأ فعلياً. وهي مدن دفع مواطنوها ثمناً باهظاً من الذل، والحصار، وانعدام الأمان، طيلة عامين من سطوة مليشيا عبثت بكل شيء جميل في السودان.
رسالتنا اليوم إلى أهلنا هناك، ممن عاشوا تحت القهر والموت والرعب، أن أيام الذل والظلم قد شارفت على النهاية. فها هي القوات المسلحة تستعيد الأرض شبراً شبراً، وتقتلع جذور المليشيا من عمق التراب السوداني، بصلابة الرجال وإيمان لا يلين.
ختاماً، فإن تحرير الخوي وأم صميمة ليس فقط تقدماً عسكرياً، بل هو إعلان صريح بأن قطار النصر انطلق، ولن يتوقف حتى يُعاد للوطن وجهه الحقيقي، وكرامته المهدورة، وسيادته المغتصبة.