مشاهدات إبرة الخبرة في أبو حمد (4-7)

أبو حمد: عبق التاريخ وحاضرة الرباطاب

 

كتب: يوسف إبرة

أبو حمد في سبعينيات القرن الماضي: نهضة وتنمية

 

شهدت مدينة أبو حمد، حاضرة الرباطاب، تطورًا ملحوظًا خلال أواخر الستينيات وبداية السبعينيات، شأنها شأن مدن شندي، الزيداب، الدامر، عطبرة، وبربر في ولاية نهر النيل. وعلى الرغم من ازدهارها في ذلك الوقت، فإنها، كغيرها من مدن الإقليم الشمالي، تكافح اليوم لاستعادة ألقها التاريخي ومكانتها التنموية.

 

موقعها المميز: بوابة منحنى النيل

 

يحتل موقع أبو حمد أهمية جغرافية بارزة، إذ تقع في منحنى النيل، ما جعلها نقطة عبور حيوية عبر بنطون مقرات، الذي يربطها بجزيرة مقرات. ويُعدُّ مبنى الاستراحة أول معلم بارز يواجه الداخل إلى المدينة من الجنوب، بطرازه المعماري الفريد المستوحى من العمارة الإسلامية التركية، وهو النمط ذاته المستخدم في بناء الجامع الكبير والمركز بأبو حمد.

 

سوق أبو حمد: نبض المدينة

 

لم يكن سوق أبو حمد كبيرًا كما هو اليوم، لكنه كان أنيقًا، منظمًا، ونظيفًا. وكان بالإمكان رؤية حركته بسهولة من رصيف محطة السكة حديد، الذي يُعدُّ أعلى نقطة في المدينة، حيث يمكن النزول إلى ساحة السوق عبر درجٍ تحيط به أشجار النيم الشهيرة.

 

في الساحة، كان الباعة يعرضون الزلابية، الشاي، والقهوة، ومن أشهرهم العم ود نعمان والخالة الرسالة. وكان العم ود نعمان معروفًا بخفة ظله، واشتهرت عنه عبارته: “دا شنو الجابتو لينا كريمة؟”، التي أصبحت مثلًا شائعًا في منطقة عتمور بدار الرباطاب، وتقال للشخص الغريب أو الذي يثير الفضول في بيئة جديدة.

 

إلى الشمال، كان يقع مخزن السكة حديد، وحوله يعرض القادمون من مقرات وبعض مناطق أبو حمد منتجاتهم، مثل الرطب ود خطيب وود لقاي، إضافة إلى المشغولات السعفية التي أضفت طابعًا فنيًا على السوق.

 

مكتبة ربيع سند الثقافية كانت من أبرز معالم السوق، حيث وفّرت مجلات عربية رائجة آنذاك، مثل المصور، آخر ساعة، صباح الخير، الموعد، الكواكب، والعربي، مما يعكس التأثير الثقافي المصري واللبناني. كما وجدت الصحف السودانية مثل الأيام، الصحافة، والرأي العام، إضافة إلى أول صحيفة رياضية سودانية صحيفة نادي المريخ “الزعيم”.

 

بالقرب من المكتبة، كان هناك استوديو تصوير صغير، يرسل الأفلام أسبوعيًا للتحميض في استوديو الرشيد بعطبرة. كما تميز السوق بوجود استراحة مجانية للمسافرين، تحت إشراف مجلس أبو حمد المحلي، على غرار الاستراحات المنتشرة في اليمن، لكنها خلت من الشيشة والقات، مما جعلها مريحة للمسافرين.

 

معالم المدينة عام 1970م

 

كانت أبو حمد في تلك الفترة تزخر بعدد من المعالم المميزة، منها:

 

محطة السكة حديد وناديها

 

مدرسة أبو حمد الأولية والوسطى للبنين، ومدارس البنات

 

المستشفى، حوش البنزين، القلعة، قطاطي السكة حديد

 

ميدان السكة حديد وميدان مدرسة أبو حمد الوسطى

 

الأحياء الرئيسية: القلعة، السكة حديد، السوق، القوز، السليم، أم عجيجة، والجزيرة بربات

 

 

اقتصاد أبو حمد: تجارة، زراعة، وصناعة

 

كانت التجارة في المدينة مزدهرة، ومن أشهر التجار: أبو مرين، سيد سليمان، آل سند، آل عرزون، الحراولة، آل أبو علامة، الماح