كتب: عبد العظيم البشرى
الجميع شاهد البطولات التي سطرها مواطنو مدينة الفاشر جنبًا إلى جنب مع القوات المسلحة والقوات المشتركة وبقية القوات النظامية الأخرى والمستنفرين، حيث بفضل صمودهم تكسرت أسطورة مليشيا الدعم السريع على أسوار هذه المدينة الصامدة.
سكان الفاشر ضربوا أروع الأمثلة في التضحية، ورفضوا الخضوع، وتعاهدوا على عدم مغادرة مدينتهم، كما تعاهدوا على حمايتها وعدم تركها للجنجويد مهما كان الثمن. ظلوا صامدين في وجه القصف المدفعي العنيف والمتعمد الذي تشنه مليشيا الدعم السريع داخل مدينة الفاشر ومخيمات النزوح المحيطة بها، مقدمين أرواحهم فداءً لوطنهم.
إلى جانب الحرب العسكرية، يخوض سكان الفاشر حربًا اقتصادية لا تقل ضراوة عن القصف المدفعي. الأوضاع المعيشية باتت كارثية، فسكان المدينة يشترون صابونة الغسيل بخمسة آلاف جنيه، ويستبدلون “بنكك” مقابل الكاش بنسبة ٤٠٪. المواطنون يواجهون شحًا حادًا في مياه الشرب بسبب عدم توفر الوقود لتشغيل المضخات، والأسواق تشهد ندرة حادة في السلع الغذائية الأساسية وارتفاعًا جنونيًا في الأسعار. التكايا توقفت بسبب انعدام المواد الغذائية، وبعض ضعاف النفوس يمارسون الاستغلال الاقتصادي على حساب المواطنين.
إنقاذ سكان الفاشر مسؤولية وطنية وأخلاقية، وحل هذه الأزمات ليس بالمستحيل. على القوات المسلحة إسقاط ألواح الطاقة الشمسية داخل المدينة، لتوفير الكهرباء اللازمة لضخ المياه وتشغيل المستشفيات والمخابز. كما يجب إسقاط السلع الغذائية والضرورية، وإن لم تستطع الدولة توزيعها مجانًا، فليتم بيعها للمواطنين بسعر التكلفة لمنع استغلالهم من التجار الجشعين. أزمة السيولة النقدية تتطلب إسقاط كتل نقدية جديدة واستبدالها دون مقابل، لضمان دوران الاقتصاد المحلي وتخفيف معاناة السكان. الحكومة مطالبة بالدخول إلى السوق كمورد رئيسي، وتوفير السلع بأسعار عادلة، لكسر احتكار التجار الذين يستغلون الأزمة.
الفاشر لا تزال تقاوم، لكنها بحاجة إلى دعم فوري وحقيقي، حتى لا يأتي يوم لا ينفع فيه الندم.
ألا هل بلغت، اللهم فاشهد!