الإمارات والسودان: بين الأكاذيب الإنسانية والحقائق الدامية

ضل الحراز: علي منصور حسب الله

 

لم أفاجأ بالجهود المستميتة التي تبذلها دولة الإمارات، تلك التي تدين الجرائم بيد، وتبررها باليد الأخرى، وتغدق على الميليشيات بالمال والسلاح ثم تدعي أنها تساهم في العمل الإنساني. هذه المحاولات البائسة لا تخرج عن إطار الهروب إلى الأمام، في محاولة يائسة لوقف الدعوى المقدمة ضدها أمام محكمة العدل الدولية، دعوى ستبقى آثارها حاضرة تؤرقها اليوم وغدًا.

 

 

الإمارات تدرك تمامًا خطورة تبعات تلك الدعوى، ولهذا فإنها تستنفر إمكانياتها السياسية والإعلامية والقانونية في حملة متعددة المسارات لتضليل الرأي العام، وشراء الذمم، وتسويق صورة زائفة عن دورها في السودان. وفي قلب هذه الحملة، تستهدف المواطن السوداني تحديدًا، في محاولة لتجميل صورة دولةٍ توفر السلاح والمال لميليشيا ترتكب جرائم حرب، وتزعم في الوقت ذاته أنها تقدم العون الإنساني! كذبة لم تعد تنطلي حتى على أطفال السودان.

 

 

اللافت أن أبوظبي استعانت في هذه الحملة ببعض السودانيين، انتماءهم سوداني وولاؤهم إماراتي، باعوا وطنهم من أجل مكاسب شخصية. كما دفعت الإمارات في اتجاه المواجهة القانونية عبر توظيف حشود دبلوماسية ومحامين دوليين، لكن قرائن الأحوال والتقارير الأممية والصحفية تجعل هذا المسار محكومًا عليه بالفشل.

 

 

أما على الصعيد السياسي، فقد لجأت الإمارات إلى وسطاء للضغط على الحكومة السودانية للتخلي عن القضية، معتمدة على أدواتها المعهودة: الترغيب المالي، والإعلام المضلل، وخيانة بعض رموز “قحت” وقادة قابلين للشراء، ناهيك عن القطيع الجاهل الذي يروج للرواية الإماراتية دون وعي.

 

 

وفي هذا السياق، لا يمكن فصل معركة الفاشر عن هذه التدخلات. الفاشر ليست معركة تخص مني أركو مناوي أو جبريل إبراهيم أو صلاح رصاص وعبد الله يحي ومصطفى تمبور أو القوات المشتركة وحدهم، بل هي معركة كل سوداني حر. سقوط الفاشر يعني فتح أبواب السودان على مصراعيها أمام الاحتلال، تحت غطاء دولة آل دقلو وشرعنة التدخل الأجنبي. الدفاع عن الفاشر دفاع عن السودان، عن الكرامة والسيادة، وليس ترفًا أو خيارًا. ورغم التضليل BBC أكدت دعم الإمارات لميليشيا الدعم السريع بالسلاح والمال.

وواشنطن بوست وصفت أبوظبي بأنها شريكة في سفك دماء السودانيين.

أما رويترز نقلت عبر تقارير موثقة تؤكد توريد أسلحة للدعم السريع عبر طائرات تهبط في تشاد.

وفورين بوليسي طالبت بمحاسبة دولية للإمارات لدعمها جرائم حرب.

 

 

وول ستريت جورنال كشفت أن أبوظبي أرسلت أسلحة بدلًا من مساعدات إنسانية.

كبريات الصحف الأوروبية في ألمانيا، وهولندا، وبلجيكا، وإيطاليا، وسويسرا، وثّقت عبر تحقيقاتها الفظائع التي ارتكبتها مليشيا مدعومة إماراتيًا من قتل وتشريد واغتصاب.

 

 

بل إن 16 منظمة دولية، بينها “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش”، أكدت ارتكاب قوات الدعم السريع لانتهاكات واسعة النطاق بحق النساء والفتيات، من عنف جنسي واغتصاب جماعي، بدعم مباشر من الإمارات. وذهبت التقارير إلى وصف ما جرى بأفعال ترقى إلى “الاستعباد الجنسي”.

 

 

في ضوء كل ما سبق، فإن أي محاولة لتبييض صورة الإمارات، أو مساواتها بالضحية، هي خيانة صريحة لقضية الشعب السوداني. الإمارات ليست وسيطًا محايدًا، ولا شريكًا إنسانيًا، بل طرف أصيل في الصراع، وممول رئيسي للفوضى. والسودانيون، من كل المشارب، عليهم أن يتعاملوا مع هذا الواقع بما يليق من وعي وحذر ومقاومة.