تصريحات تُربك الحسابات: هل بدأ الاتحاد الإفريقي في تغيير مواقفه تجاه السودان؟

تقرير: عبدالعظيم البشرى

 

 

في خطوة أثارت الانتباه وفتحت باب التساؤلات، التقى عضو مجلس السيادة الانتقالي ومساعد القائد العام للقوات المسلحة الفريق مهندس إبراهيم جابر، برئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي يوسف، على هامش القمة العربية الـ34 المنعقدة بالعاصمة العراقية بغداد. اللقاء، الذي حضره وكيل وزارة الخارجية السفير حسين الأمين، تناول تطورات الأوضاع في السودان وجهود تحقيق السلام والاستقرار في البلاد.

 

لكن التصريح اللافت الذي أدلى به رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي وأغضب مليشيا الدعم السريع وداعميها من السياسين لم يكن كغيره من التصريحات السابقة، إذ أشار فيه إلى “الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة وسيطرتها على مناطق كثيرة”، معربًا عن أمله في عودة السودان إلى موقعه الطبيعي كقلب نابض للقارة الإفريقية.

 

 

إشادة بالقوات المسلحة: 

 

 

هذا الموقف، الذي حمل إشادة واضحة بالقوات المسلحة السودانية، اعتبره كثيرون تحوّلًا في نهج الاتحاد الإفريقي، الذي ظل خلال الأشهر الماضية يتبنى خطابًا دبلوماسيًا متوازنًا، بل وُجهت إليه أحيانًا انتقادات بالتماهي مع مسارات التسوية التي تتجنب توصيف أطراف الصراع.

ورغم عدم صدور أي إعلان رسمي عن تعديل قرارات الاتحاد السابقة، وعلى رأسها قرار تجميد عضوية السودان، إلا أن اللغة الجديدة قد تشير إلى تحولات محتملة في المواقف الإفريقية خلال الفترة المقبلة.

 

 

اعتراف بشرعية الحكومة:

 

و قال رئيس قوى الحراك الوطني الدكتور التجاني سيسي إن التصريح الأخير لمحمود علي يوسف يدل على نية مفوضية الاتحاد الإفريقي – في ظل رئاسته – تجاوز الموقف الرمادي السابق تجاه الأزمة السودانية، بل وتجاوز الانحياز الذي بدا في أوقات سابقة لصالح قوى التمرد، على حد تعبيره.

 

وأضاف سيسي: في تصريح خاص لـ”الشارع السوداني”ما قام به رئيس المفوضية الجديد هو اعتراف واضح بشرعية الحكومة وحق القوات المسلحة في الدفاع عن البلاد. كنا نأمل أن يتخذ موسى فقيه، الرئيس السابق للمفوضية، الموقف ذاته، خاصة أنه جاء بدعم من حكومة السودان، لكن للأسف خاب ظننا فيه”.

 

ورأى سيسي أن تصريح يوسف سيؤثر إيجابًا على توجهات مجلس السلم والأمن الإفريقي، رغم ما وصفه بوجود “اتهامات بتدخلات إماراتية” تؤثر على قرارات بعض المؤسسات، كما توقع أن يسهم الموقف الجديد في تغيير توجهات عدد من الدول الإفريقية تجاه السودان.

 

 

وأكد أن التحول في موقف المفوضية لا يعود للضغط الدبلوماسي فحسب، بل يرتبط بشخصية يوسف نفسه، الذي سبق وأبدى تفهمًا عميقًا لتعقيدات الأزمة السودانية، معتبرًا سقوط المرشح الكيني رايلي أودينغا في انتخابات رئاسة المفوضية “نعمة من لطف الله” بالنظر إلى ما كان سيمثله من تهديد لمصالح السودان، على حد قوله.

 

 

 

الاتحاد يعود إلى رشده:

 

 

من جانبه، وصف المرشح الرئاسي السابق والمستشار السياسي لرئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، الأستاذ حاتم السر، إشادة رئيس المفوضية بالجيش السوداني بأنها “تعكس فهماً جديداً للاتحاد الإفريقي تجاه الأزمة السودانية ظل غائبًا لفترة طويلة”.

 

 

وقال السر لـ”الشارع السوداني” إن السودان بات أقرب من أي وقت مضى لاستعادة مقعده في الاتحاد الإفريقي، مشيرًا إلى أن مقعد السودان “الشاغر” يعطل عقل القارة ويحرم الاتحاد من دور دولة مؤسسة وفاعلة.

 

وأضاف أن الانفتاح الجديد بين السودان والاتحاد الإفريقي يتزامن مع تسلم يوسف رئاسة المفوضية، وهو ما قد يمهد لفتح صفحة جديدة تُفضي إلى تطبيع علاقات السودان مع الاتحاد، وبالتالي فتح الطريق نحو اندماج أوسع مع المجتمع الدولي.

 

 

وتابع: “السودان أحوج ما يكون اليوم لإعادة صياغة سياسته الخارجية، إقليميًا ودوليًا، في ظل ما كشفته الحرب من فرز للأصدقاء الحقيقيين من المتربصين”، داعيًا إلى استثمار الزخم الإقليمي لصالح تعزيز موقف الحكومة، وإجهاض ما وصفه بـ”المشروع السياسي للمليشيا وحلفائها”.