استيفن لوال يكتب.. منتصف الطريق (5) حسين عبدالباقي” قائد بين الناس رغم العواصف”استيفن لوال - عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان القومي بجنوب السودان

فقدان السيف و الهيبة واستعادتهما” مشهد من العمل السياسي”

 

في مشهد سياسي معقد ومليء بالتحديات لم يكن نائب الرئيس حسين عبدالباقي محصناً ضد المؤامرات والدسائس. البعض ولأسباب غير سياسية جعل منه هدفاً لمحاولات الإسقاط مستخدمين سلاح الكذب والاتهامات الباطلة لإضعاف صورته وتشويه مكانته. ومع ذلك ظل فخامة نائب رئيس الجمهورية حسين عبدالباقي اكول صامداً متماسكاً كالجبل أمام رياح الأقاويل والعواصف و المؤامرات .

 

لم يكن حسين عبدالباقي قائداً سياسياً فحسب بل إنسانيته وحنانه جعلاه قريباً من القلوب قبل العقول. لم تبعده المسؤوليات الجسيمة عن محيطه بل ظل قريباً من الناس يشاركهم أفراحهم وأتراحهم ويقف بجانبهم في المآتم والمناسبات. كان حضوره يتجاوز حدود الواجب الرسمي ليعكس شخصية قائد يُلهم بالقدوة ويتواصل بالإنسانية.

 

رغم انشغاله بأعباء القيادة ظل حسين عبدالباقي قائداً بمعنى الكلمة. قيادة تجسدها أفعاله لا أقواله وحضوره الدائم بين الناس هو خير شاهد على ذلك. لم يتوانَ يوماً عن مد يد العون رغم شح الامكانيات أو الاستماع لمن يلجأ إليه مما جعل منه رمزاً للقائد الذي يجمع بين الحزم في السياسة والدفء في التعامل.

 

تاريخ حسين عبدالباقي لم يكتب على الورق فقط بل حفر في وجدان الناس الذين شهدوا مواقفه النبيلة وإنسانيته العميقة. لقد كان أكثر من مجرد سياسي، بل كان نموذجاً للقيادة الحقيقية التي تصمد أمام التحديات وتستمد قوتها من قربها من الناس وفي وسط التحديات السياسية والاجتماعية التي مرت بها الحركة الوطنية لجنوب السودان جاءت الأزمة بمثابة اختبار لحنكة القيادة وقدرتها على التماسك وإعادة الهيبة المفقودة. برز دور فخامة الرئيس سلفاكير ميارديت بشكل خاص في تحقيق هذا التوازن حيث أظهر بفطنته القيادية رؤية مستقبلية للحركة الوطنية لجنوبالسودان. وقد كان حسين عبد الباقي أحد الشخصيات التي أدركت أهمية هذا التوجه، وسعى لاستعادة مكانة الحركة الوطنية لجنوب السودان SSPM وهيبتها.

 

أحد أبرز محطات هذا المسار كان عودة دكتور كاستيلو قرنق إلى جنوب السودان في خطوة مثلت بادرة نوايا واضحة نحو السلام ودعماً صريحاً لفخامة الرئيس سلفاكير ميارديت. هذه العودة لم تكن مجرد حدث سياسي عابر بل كانت رسالة قوية إلى الداخل والخارج بأن السلام والاستقرار هما الهدف الأسمى.

 

#اللقاء مع الرئيس: استعدادات تعكس الهيبة و إعادة السيف المفقود

 

في أحد الأيام و بالتحديد يوم 15 من شهر يوليو عام 2021 تحركت من الفندق الذي كنت أقيم فيه بجوبا متوجهاً إلى مقر رئاسة الجمهورية حيث كان موعد اللقاء مع فخامة الرئيس. عند وصولي إلى مدخل القصر الجمهوري لفتت أناقتي الأنظار حتى أن أحد أعضاء البروتوكول خاطبني بلقب الدكتور كاستيلو قرنق وهو ما أثار ابتسامة خفيفة مني قبل أن أوضح لها أنني لست المعني. بعد لحظات وصل دكتور كاستيلو بسيارته الفاخرة وتم استقباله بحفاوة لائقة تعكس مستوى الحدث.

 

رافقته نحو القصر الجمهوري حيث استقبلنا بحفاوة شديدة إذ كان اليوم يحمل طابعاً خاصاً كونه يتضمن مراسم أداء القسم لتولي الدكتور كاستيلو منصب مستشار شؤون الرئاسة. انتظرنا في قاعة مخصصة لكبار الشخصيات حيث بدأ كبار المسؤولين بالتوافد من بينهم مستشار الشؤون الأمنية توت قلواك ووزير شؤون مجلس الوزراء دكتور مارتن إيليا و المدير لمكتب فخامة رئيس دينق وال بالإضافة إلى شأن رييج مدوت رئيس القضاء.

 

بدت الأجواء مهيبة حين حضر فخامة الرئيس سلفاكير ميارديت الذي أضفى بوجوده شعوراً بالفخر والاحترام على الجميع. بادر الرئيس سلفاكير ميارديت بالترحيب ثم افتتحت مراسم أداء القسم بقراءة القرار الرئاسي الذي عين بموجبه دكتور كاستيلو مستشاراً .. وقفنا جميعاً احتراماً لهذه اللحظة التاريخية حيث كنت حينها حاملًا الكتاب المقدس ” لتأدية القسم”.

 

مولانا شان رييج رئيس القضاء قرأ نص القسم و من بعده تحدث الرئيس سلفاكير بكلمات مليئة بالإرشادات والحكمة مظهراً دعمه الواضح لدكتور كاستيلو حيث قال له: “أنا متأكد أنك لن تغادر البلاد مجدداً”. كان تعليق الرئيس يحمل بين طياته رسائل سياسية عميقة تعكس ثقته في ولاء الدكتور..

اختتم الرئيس اللقاء بالتأكيد على متانة العلاقة بينه وبين دكتور كاستيلو مشيراً إلى صلة القرابة بينهما وهو ما أضفى بعداً إنسانياً على المشهد. من جانبه أبدى دكتور كاستيلو التزامه التام بالعمل إلى جانب الرئيس معبراً عن رغبته في تعزيز السلام والمضي قدماً نحو تحقيق الاستقرار.

 

كان هذا الخطوة اعلان نائب الرئيس عن عودة السيف المفقود بمعناها الرمزي وهي خطوة نحو استعادة الهيبة وإظهار أن القيادة الحكيمة قادرة على تجاوز الأزمات وتحقيق التقدم المطلوب داخل الحركة الوطنية لجنوب السودان SSPM.

 

يتبع