مبادرة إيد على إيد: يدٌ تُعانق الكرامة وتُحيي الأمل(1)

ضل الحراز: علي منصور حسب الله

 

 

 

 

في خضم المآسي التي ألقتها الحرب على أرض السودان، وبينما تتكالب قوى الشر المتمثلة في مليشيا الدعم السريع الغاشمة على تشريد الآمنين وترويع الأبرياء، تشرق مبادرات الخير من رحم الألم، لتعيد رسم ملامح الأمل. مبادرة عافية وطن تحت شعار (إيد على إيد) التي دشنها السيد رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان تحت إسم (عافية وطن) ، تمثل تجسيداً حقيقياً لقيمنا السودانية الأصيلة في التكافل والتراحم.

 

 

 

 

 

ليست هذه المبادرة مجرد تحرك إنساني لإغاثة أسر الشهداء والنازحين والمصابين المتضررين من الحرب، بل هي استدعاء عميق لإرثنا الشعبي الذي توارثناه أباً عن جد، يوم كانت الأشجار حين تميل، تتكئ على أخواتها، تأكيدا على مقولة (شجراي كن مالت تتكي في اخيو) ويوم كانت اليد تغسل اليد الأخرى، ليغسل الاثنان معاً وجه الوطن. إنها ثقافة النفير التي نعرفها جيداً، حين يجتمع أبناء الحي والقرية ليشدوا أزر بعضهم البعض، يزرعون الأرض، ويحصدون العون في كل حين.

 

 

الرئيس البرهان، وهو يطلق هذه المبادرة من بورتسودان، لم يكن فقط يبعث برسالة داخلية لأبناء شعبه، بل كانت كلماته المليئة بالإصرار والعزم رسالة واضحة للعالم أجمع: السودان باقٍ صامد، ولن تنكسر شوكته أمام مليشيات الإرهاب والدول الداعمة لها. لقد أعاد البرهان التأكيد أن معركة الكرامة لم ولن تكون معركة سلاح فقط، بل هي أيضاً معركة قيم وأخلاق، يقف فيها شعبنا صفاً واحداً، مؤمناً بأن النصر يصنعه الإيمان والتكاتف قبل أن تصنعه المدافع.

 

 

 

 

 

ما أحوجنا اليوم لهذا التعاضد الوطني! كيف لا وقد بكى أهل الجنينة لما أصاب ود النورة والهلالية، وذرفت أعين أسرة الشهيد محمد صديق دموع الدم، وتألم السودانيون جميعاً لفاجعة الشهيدة هنادي النور داوود التي حظيت بتحية خاصة من السيد الرئيس، وهو يرثيها حاملاً على وجهه ملامح الحزن والغضب معاً؟

 

 

 

 

لقد جسدت مبادرة “إيد على إيد” روح الشعب السوداني الذي يؤمن بقول الله تعالى: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) شعبٌ أدرك منذ الأزل أن التعاون لا يصنع فقط بيوتاً جديدة أو حصاداً وفيراً، بل يصنع وطناً لا تهزمه العواصف مهما اشتدت.

 

 

 

 

 

مبادرة (عافية وطن) بشعارها (إيد على إيد) جاءت لتحشد الطاقات، وتجمع السودانيين حول معاني التضامن الحقيقي، لتصبح ترياقاً للألم، وإعلانا لرفض الاستقطاب القبلي البغيض الذي تسعى المليشيا المتمردة إلى بثه بيننا. وكما أكد البرهان، فإن محاولات شق صفوفنا ستفشل، لأن نسيجنا الاجتماعي المتماسك أقوى من دسائسهم، وعزيمتنا أمضى من سلاحهم.

 

 

 

 

 

نحن اليوم أمام مرحلة مفصلية، فإما أن نتكاتف كما فعل أسلافنا حين اخترعوا النفير وجعلوا منه ثقافة حياة، وإما أن نترك العدو يتسلل إلى شقوق خلافاتنا. غير أن ما أبداه شعبنا من تكاتف مذهل، وما أكدته كلمات القائد العام وقادة المبادرة، يطمئننا أن السودان قادر بإذن الله على تجاوز هذه المحنة، والانتصار لقيمه وثوابته.

 

 

 

 

 

ختاماً، لا يسعنا إلا أن نرفع القبعات لمبادرة “إيد على إيد”، ولرئيس مجلس السيادة الذي أحيا فينا جذوة النخوة السودانية، فالمعركة مع العدو مستمرة، لكنها معركة شعبٍ عرف أن النصر يولد حين تتعانق الأيدي وتتوحد القلوب، وتكتب معاً قصة وطنٍ لا يقهر.

 

 

 

الحلقة القادمة

كمل كمل يا مزمل