تقرير: خالد تكس
بات في حكم المؤكد أن معركة تحرير عاصمة ولاية الجزيرة مدني قد رسمت مسارات جديدة بمعطيات مختلفة علي مجمل المشهد الذي سيشهد سيناريوهات عسكرية وسياسية علي صعيد تفاعلات الازمة هبوطا أو صعودا.وانتقالها الي مربع جديد أصبح احتمال مؤكد بالشواهد والمؤشرات منذ مابعد تحرير مدني نسبة لموقع ولاية الجزيرة الجيوسياسي من الناحتين العسكرية والسياسية كجغرافية استراتيجية حاكمة في خريطة الدولة السودانية ليس لاهميتها الاقتصادية القصوي بحتضان مشروع الجزيرة العملاق فحسب بل لأنها نقطة تجمع شبكة طرق تربط كل ولايات الوسط سنار النيل الازرق والقضارف كسلا بورتسودان والنيل الأبيض شمال كردفان كحلقة وصل لكل أطراف السودان لذلك يري الدكتور ابراهيم كلكه الخبير الاستراتيجي لاهميتها هذه كانت عاصمة قديمة للسودان سابقا في بداية العهد التركي و انها الان تحتل الموقع الثاني من حيث الأهمية بعد العاصمة الخرطوم لتمتعها بميزات استثمارية أدت الي إقامت مشروعات الصناعات التحويلية المختلفة لمنتجاتها الزراعية كالمحالج ومصانع النسيج والاعلاف ومنتجات الثروة الحيوانية.و جذبت اعداد كبيرة من السكان فأصبحت ذات الكثافة الاعلي في البلاد ومن هنا يبرز تأثيرها السياسي لأن عودة هؤلاء السكان النازحين واللاجئين ستحدث اختراق كبير في ملف الازمةالانسانية الذي اكتسب بعض الزخم السياسي علي الصعيدين الدولي والمحلي .الي جانب التأثيرات الاستراتيجية بعد استعادة الفرقة الاولي التي تعتبر من اكبر الفرق العسكرية خارج العاصمة من ناحية التوازن العسكري للقوات المسلحة.لذلك ستسعي الحكومة السودانية إلي وضع خطط إسعافية عاجلة لإعادة مشروع الجزيرة الي دائرة الإنتاج سريعا في الموسم الحالي والقادم لإحداث اثر في الملف الاقتصادي وستجني مردوداته السياسيه والاجتماعية والإنسانية.
ومنذ ما قبل استرداد مدينة مدني برزت كثير من الآراء التي انتقدت التمدد العشوائي لقوات الدعم السريع مما أفقد قيادة هذه القوات السيطرة عليها في القري المتفرقة الممتدة الي تخوم أقاصي ولاية سنار وحدود النيل الازرق إذ مارست كثير من الانتهاكات في حق المواطنين وبدت كما لو أنها فقدت الهدف العسكري مما جر عليها كثيرا من الانتقادات والادانات اقليميا ودوليا بسبب الجرائم الانسانية التي اقترفتها يقول الباشمهندس ابوبكر حامد نور نائب رئيس حركة العدل والمساواة أن نتائجه أيضا اوجد ثغرات عسكرية وسياسية سهلت علي القيادة السودانية عملية الاستنفار والحشد الشعبي تحت رايات المقاومة كرد فعل علي جرائمها في حق المواطنين من سرقة ونهب واغتصاب مما عجل تحريك كل محاور القتال استجابة للضغط الشعبي المتعاظم واكسب الجيش دعما سهل عليه تنفيذ خطط عسكرية استهدفت تقطيع اوصال التمرد وتحطيم قوته الصلبة واستنزافه وقتل قياداته مما ادي الي تسريع انهياره وتشتيت قواته المؤلفة من مجاميع المرتزقة الذين اغرتهم الأموال و الغنائم بدون تأثير يذكر لاي عقيدة قتالية أو انصياع لاوامر مركز قيادة وسيطرة الي جانب الضربات التي افقدتهم زمام المبادرة منذ مقتل البيشي والهزيمة الساحقة في جبل مويه. مهد لسلسلة من التحولات الميدانية علي الصعيد العملياتي ففقدوا كثير من المواقع بصورة مستمرة الي ان فقدوا عاصمة ولاية الجزيرة التي ستؤدي بدورها الي مذيد من التغيرات الميدانية والسياسية والتي تسقط من أيديهم كثير من النقاط والكروت السياسية سيما تلك التي دخلوا بها الجولات السابقة في جدة والمنامة.وفي حال مضي القوات المسلحة وحلفاءها بهذه الخطط سوف ينجحون في تنفيذها فعلا علي أرض الواقع اذا استمر هذا التمدد مما يجرد المليشيا وحلفاءها من أوراق اللعبة مستقبلا لدرجة قد تضعهم أمام محكمة الراي العام وحكم الشعب مما قد يؤثر علي فاعليتهم السياسية وينعكس علي أدوارهم كصناع سياسات في الازمة الخالية.
وبات من الواضح أن تاثير التحركات العسكرية الأخيرة اثر علي الجوانب التكتيكية العسكرية و انعكس علي نتائج المعارك الأخيرة في جبهات القتال المتفرقة وليس ولاية الجزيرة فقط فظهرت الانتصارات المتتالية التي حققتها القوات المسلحة بل أبرز مؤشرات استراتيجية علي صعيد الحرب الدائرة التي تدل كل الشواهد والنتائج انها تمضي وفقا للخطة الكلية التي وضعها الجيش السوداني منذ البداية والان يجني ثمارها كما يري القائد بقوي تجمع تحرير السودان العقيد معاش الياس كنين قائد التأهيل والتدريب ليس باسترداد مدني فحسب بل محاصرة مصفاة الجيلي ونجاح الهجوم التكتيكي علي قاعدة الزرق معبر الإمداد الاستراتيجي للمليشيا بحكم موقعها علي مثلث الحدود الليبية التشادية السودانية إلي جانب تصاعد وتيرة العمليات الهجومية في الخرطوم مما ادي الي تأكل الأطراف الهشة للمليشيا علي جميع الأصعدة .وفقدت القدرة علي الاستنفار والفزع وبالتالي لم تعد قادرة علي الاحتافظ بالمواقع .وأصبحت تواجه و تتعاطي مع افرازات مختلفة اما هزائم أو هروب او إخلاء وانسحابات أو رجوع عناصرها للدفاع عن حواضنهم .فأصبح من الصعب عليها تجميع شتات القوات المنتشرة بدون هدف استراتيجي.وعلي الجانب الآخر تمضي خطط الجيش التي تبدو بطيئة نحو تحقيق غاياتها بعد دراسة وتمحيص قادت الي هذا التفوق الميداني الاستراتيجي أمام قوات استكانت للانتصارات اللحظية لأجل الدعاية والاعلام .دون أن تدرك أنها في الوقت الذي تفقد فيه قواتها وقادتها سعي الجيش الي ذيادة قواته وتوسيع دائرة تحلفاته حتي وصل إلي مرحلة حصار مدن العاصمة الثلاثة وقطع خطوط الإمداد وفك حصار الفاشر تدريجيا وترجيح احتمال استرداد وتنظيف الخرطوم بدون خسائر باهظة