ضل الحراز: علي منصور حسب الله
في البداية، لا بد من التقدير والشكر العميق لوزارة الثقافة والإعلام، وعلى رأسها الأستاذ خالد علي الاعيسر، وزير الثقافة والإعلام، لجهودهم المتواصلة في تطوير هذا القطاع الحيوي متعدد المهام والاختصاصات. إن تفهم الوزارة لأهمية عقد ورشة لمناقشة التعديلات المقترحة على قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009م، يمثل خطوة إيجابية تؤكد التزام القيادة بضرورة إشراك الأطراف الفاعلة في صياغة الأطر التشريعية التي تنظم العمل الصحفي والإعلامي.
تعكس هذه الورشة، التي نُظّمت في ظروف بالغة التعقيد، روح الانفتاح والمسؤولية المهنية. فقد أتاحت الفرصة لتبادل الرؤى ووجهات النظر بين مختلف الجهات ذات الصلة، من مؤسسات حكومية، وأكاديميين، وممثلين عن المجتمع المدني، وقانونيين، وإعلاميين. إن مثل هذا الحراك المهني والتشريعي يسهم في ضمان أن تأتي التعديلات متوازنة وشاملة، وتعبر بحق عن احتياجات وتطلعات المجتمع والإعلاميين على حد سواء.
وقد مثّلت الورشة منبرًا مهمًا لطرح الآراء، سواء من قبل المؤيدين أو من يتحفظون على بعض التعديلات، وهو ما أتاح نقاشًا حرًا وموضوعيًا ساعد في تفكيك العديد من القضايا المعقدة ذات الصلة بالتعديلات المقترحة. كما وفرت الورشة مناخًا خصبًا للتفاهم والتقارب، وأرست أساسًا لتوافق مستقبلي حول ملامح قانون صحافة عصري يُراعي التغييرات المهنية والتقنية المتسارعة.
وإننا نخص بالشكر قائد ربان الوزارة، الأستاذ خالد علي الاعيسر، الذي لم يفتر يومًا عن التأكيد على أهمية إعادة النظر في قانون 2009م، مؤكدًا في كل لقاء أن التعديل يجب أن يتم عبر حوار واسع، يضم مختلف الفاعلين، وفي إطار مؤسسي يعزز دور الصحافة ويحفظ حريتها وحقوقها. لقد أظهر الوزير فهماً عميقاً لتعقيدات المرحلة ومتطلبات الإصلاح الحقيقي، وهو ما جعله يحظى بتقدير واسع من مختلف أطياف الوسط الإعلامي .
كما لا يسعنا إلا أن نحيّي الأستاذة سمية الهادي، وكيلة وزارة الإعلام، على ما تبديه من احترام وتقدير للجميع، وما عرف عنها من تفانٍ في العمل وتحملٍ للمسؤولية. فهي شخصية إدارية راقية، لا تُفرق بين كبير وصغير، وتعكس في سلوكها وأدائها صورة المسؤول الذي يعمل بصمت، لكنه يُحدث أثرًا عميقًا في محيطه ومؤسسته. لقد ظلت الأستاذة سمية في موقعها تعمل بكل جهد، من الصباح إلى المساء، دون كلل أو ملل، وبهذا الأداء المتميز أضحت نموذجًا يُحتذى في الأداء المؤسسي الرصين.
ويستحق الأستاذ عمر طيفور، مسؤول المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، تحية تقدير خاصة، لما عُرف عنه من نزاهة وعدالة في التعامل مع الجميع. فالرجل يتمتع بحس مؤسسي عالٍ، ويتعامل مع كل الزملاء بمستوى واحد من الاحترام، مما يجعله أحد أهم أعمدة الوزارة في مجال التنظيم الإعلامي.
كما لا ننسى أن نُحيي طاقم وزارة الثقافة والإعلام بأكمله؛ أولئك الجنود المجهولين الذين يعملون في ظل شح الموارد وضعف الإمكانيات، لكنهم – رغم ذلك – أبلوا بلاءً حسنًا، وأسهموا بجهود مخلصة في تحقيق التميز والإبداع داخل وزارة ذات اختصاصات معقدة ومتداخلة: من الإعلام، إلى الثقافة، إلى السياحة، والآثار. وهي مجالات تتطلب قيادة فاعلة، وتنسيقًا عاليًا، وقد استطاع هذا الطاقم أن يقدم نموذجًا للإدارة المتكاملة والمنتجة، ونالوا عن جدارة رضا واحترام الجميع.
وكان من أبرز ما قدمته الوزارة في الفترة الأخيرة، الورشة النوعية التي ناقشت التعديلات المقترحة على قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009م. ورغم غياب الاتحاد العام للصحفيين السودانيين عن هذه الورشة، وهو غياب يُعد نقص القادرين على التمام، فقد حققت الورشة أهدافها، وأسست لحوار مهني حقيقي يعزز مناخ الحريات ويُسهم في تطوير البيئة القانونية للصحافة.
ويبقى القول، إن الإصلاح لا يتم بالإقصاء، ولا بالبناء على أنقاض الآخرين، بل بالحوار، والشراكة، والاحتكام للمؤسسات، بعيدًا عن الشخصنة وتصفية الحسابات. وما قدمته الوزارة، بقيادة الوزير والفريق العامل معه، هو خطوة متقدمة على طريق البناء المؤسسي، ورسالة بأن المهنية والعقلانية هما السبيل الأمثل لعبور المرحلة وتحقيق التغيير المنشود.