الأستاذ خالد الأعيسر… عقل الدولة الإعلامي الذي لا يُستبدلعلي منصور حسب الله - صحفي وكاتب

 

بقلم: علي منصور حسب الله

 

ما زالت لحظة اختيار وزير الثقافة والإعلام في حكومة الأمل المنتظرة تمثل مفترق طرق حاسمًا بين العودة إلى مربع الفشل أو الانطلاق نحو عهد جديد يعيد للإعلام السوداني روحه ودوره المأمول في بناء الدولة وإن كان ثمة اسم يستحق أن يُعاد ترشيحه بثقة واطمئنان فهو الأستاذ خالد إسماعيل علي الأعيسر الذي مثّل وما يزال قطيعة واعية مع منطق المحاصصة والتعيين الشكلي

نعم سبق أن رشحته في مقال سابق عن قناعة وطنية مهنية واليوم أعود لتأكيد ذات المطلب ليس فقط لأننا بحاجة إلى شخصية خبِرت دهاليز الإعلام الرسمي والخاص بل لأن المرحلة تتطلب عقلًا إصلاحيًا يمتلك مشروعًا لا مجرد موظف يُدير الحضور الشكلي للوزارة

ولأن الأيسر ببساطة لم يكن طارئًا على المشهد الإعلامي بل نبتة نضجت داخل مؤسساته وتغذت من تجاربه فصار صوتًا حقيقيًا للإعلاميين لا عليهم هو لا يحتمي بشعارات عابرة بل يقدم تصورات قابلة للتنفيذ ويعمل بصمت وفاعلية وهو ما أثبته خلال توليه الوزارة سابقًا حين استطاع أن يُحدث فرقًا ملحوظًا في بيئة عمل اعتادت الجمود والتقليدية

والذي يميزه عن غيره؟

رؤيته الإصلاحية الواضحة فهو لا يتحرك في الظلام بل يحمل تصورًا مكتوبًا مجربًا نابعًا من فهم عميق لأزمات الإعلام في السودان بدءًا من التشريعات المقيدة، وانتهاءً بالمؤسسات المنهكة له القدرة على البناء لا الهدم في زمن يبحث فيه البعض عن الأضواء كان الأعيسر منشغلًا بتأسيس البنى التحتية وإعادة الثقة داخل المؤسسات عبر خطط مدروسة لإصلاح التلفزيون القومي والإذاعة ووكالة سونا وتحويلها من أدوات تبعية إلى مؤسسات وطنية يمتاز باستقلالية ونزاهة لم يُعرف عنه انتماؤه لأي أجندة حزبية أو أيديولوجية بل ظل وفيًا لضميره المهني ما جعله مقبولًا لدى كافة أطياف الوسط الإعلامي

صاحب تواصل خارجي فعّال السودان اليوم بحاجة لصوت عاقل ومؤثر في المنابر الإقليمية والدولية وقد أثبت الأعيسر قدرته على أن يكون وجهًا مشرفًا للدولة السودانية حين تتحدث إلى العالم

نحن نعيش لحظة وطنية فارقة تتطلب أن نُعيد ترتيب أولوياتنا وأن نمنح المواقع الحساسة لأصحاب الكفاءة لا الولاء وزارة الثقافة والإعلام ليست ترفًا سياسيًا بل جهاز سيادي يصنع الوعي الجمعي ويحمي البلاد من الانزلاق في فوضى المعلومات والأفكار

وعليه فإن بقاء الأعيسر أو إعادته لا يُعد مكافأة له بل خدمة للوطن وتحقيقًا لأملٍ طال انتظاره في أن يقود الإعلامي الحقيقي دفة الإعلام الوطني

كلمة للقرار الوطني السيد الدكتور كامل إدريس لقد قدّرت فيك نزعتك الوطنية وحرصك على أن تكون حكومة الأمل تجسيدًا للقيم التي خرج لأجلها الشعب ولهذا نأمل أن تتعامل مع هذا المقترح بعين التقدير للمصلحة العامة لا بمنطق الوجوه الجديدة فقط فالوجوه تتغير أما المبادئ فتظل.

الأستاذ خالد الأعيسر ليس مجرد اسم بل تجربة ناضجة وشخصية جامعة ومنبر للإعلاميين المهنيين الذين طالما شعروا بالخذلان في عهود التسييس والتهميش وجوده اليوم ضرورة لا مجرد اقتراح