الفريق مفضل.. رجل المرحلة وقائد جهاز الأمن في زمن الحرب والكرامةعلي منصور حسب الله - صحفي وكاتب

ضل الحراز

 

 

بقلم علي منصور حسب الله

 

عندما تتقاذف الأوطان أعاصير الفتن وتشتد المحن وتعلو صرخات البارود فوق صوت الحكمة لا يبقى في الميدان إلا من تربّى على الثبات ونهل من معين الوطنية وتدرّب على أن يكون هو الفارق بين الانهيار والنجاة وفي قلب هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها بلادنا لم يكن تجديد الثقة في الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل مدير جهاز المخابرات العامة إلا تعبيراً صادقاً عن إيمان القيادة العليا في الدولة ممثلة في الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بكفاءة هذا الرجل وصلابة رؤيته ووطنيته التي لا تعرف المساومة

لقد أكدت القيادة من خلال هذا القرار أن المرحلة تتطلب رجالاً من طراز مختلف لا تهزّهم العواصف ولا تفتّ في عضدهم حملات التشكيك أو مساعي التقسيم أو رصاص الخيانة والفريق مفضل كما قلنا مراراً في عمودنا ضل الحراز هو رجل المرحلة بحق لأنه قائد عرف متى يصمت ومتى يتكلم ومتى يضرب ومتى يصافح رجل جمع بين حنكة رجل المخابرات وشجاعة المقاتل وهدوء رجل الدولة

ولعل أهم ما يحسب للفريق مفضل خلال الفترة الماضية هو إعادة بناء وهيكلة جهاز المخابرات العامة على أسس مهنية وعملياتية متينة وتجديد دماءه بروح قتالية تجلت بوضوح في إعادة دمج هيئة العمليات المقاتلة التي لعبت دوراً بطولياً في صد مليشيا الدعم السريع الإرهابية في حرب الكرامة هذه الهيئة التي تُعد القوة الضاربة للجهاز أثبتت أنها ليست فقط سداً منيعاً في وجه العدوان بل ذراعاً ضاربة في حرب المدن ومكافحة الإرهاب والتصدي للمهددات الداخلية

إن صيحة (أمن يا جن!) التي تناقلتها الألسن في كل ساحات القتال لم تكن مجرد شعار بل كانت إعلاناً مزلزلاً أدخل الرعب في قلوب مليشيا آل دقلو وأعاد رسم معادلات القوة وأكد أن الجهاز عاد بقوة إلى واجهة الدفاع عن الوطن بعد محاولات تفكيكه وإضعافه في فترات سابقة فالمخابرات العامة لم تعد جهازاً خلف الكواليس فحسب بل باتت حاضرة في الميدان في ساحات المعركة وفي غرف العمليات وعلى طاولات التفاوض الخارجية

ولم يتوقف دور الجهاز عند حدود الداخل بل كان له حضور فاعل ومؤثر في الساحة الدولية بفضل تحركات الفريق مفضل ممثلاً عن الدولة في ملفات شائكة ومعقّدة كقضايا الإرهاب والتطرف والإتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية وانعكاسات الحرب على أمن الإقليم والبحر الأحمر لقد استطاع الرجل بحنكةٍ وخبرة أن يوصل صوت السودان الحقيقي إلى المنابر الدولية وأن يكسب دعماً إقليمياً ودولياً مهماً لقضايا الوطن العادلة رغم صعوبة المشهد وتعقيداته

وما يُحسب له أيضاً حياديته الصارمة وابتعاده عن الاستقطابات السياسية أو القبلية مما أكسبه احترام مختلف مكونات الدولة والمجتمع فهو لم يستخدم نفوذه الأمني للانحياز إلى جهة ضد أخرى بل ظل متمسكاً بأن جهاز المخابرات هو ملكٌ للوطن لا أداة بيد أحد وهذا ما جعل تجديد الثقة فيه قراراً بالإجماع نابعاً من تقدير وطني لا من حسابات ضيقة

وهنا لا يفوتنا أن نحيي رجال جهاز المخابرات العامة من أعلى رتبة إلى أحدث جندي الذين سطّروا بدمائهم وعرقهم صفحات مشرّفة في معركة الوطن الكبرى ونترحّم على شهداء الجهاز الذين ارتقوا في ميادين الشرف وهم يذودون عن تراب السودان ويكتبون بدمائهم عنواناً جديداً للبطولة

إن بقاء الفريق مفضل على رأس هذا الجهاز، ليس فقط قراراً إدارياً أو عسكرياً بل هو رسالة واضحة بأن الدولة تدرك من هم رجالها الحقيقيون وتعرف من يستحق الثقة في هذا الزمن العصيب وأن الجهاز سيواصل أداء أدواره المتعددة في تأمين الجبهة الداخلية دعم المجهود الحربي إنتاج المعلومة الدقيقة والتعامل بمرونة مع المتغيرات الإقليمية والدولية التي تتطلب عيناً ساهرةً وعقلاً راجحاً ويداً ضاربةً عند اللزوم

نعم هذا أوان المخابرات الوطنية وجهاز الأمن الذي عاد إلى واجهة الفعل بحكمة القيادة وبطولة الميدان ونعم الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل هو قائد المرحلة بحق رجل دولة يعرف متى يصمت ومتى يتكلم متى يخطط ومتى يتحرك رجل يعمل من أجل السودان لا من أجل ذاته وهذا ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى

عاشت قواتنا المسلحة المجد لشهدائنا والخلود لوطن لا يموت