الإعلام السوداني في عهد الأستاذ خالد الأعيسر

ضل الحراز: علي منصور حسب الله 

منذ تعيين الأستاذ خالد الأعيسر وزيرًا للإعلام، شهدت وزارة الإعلام في السودان تطورًا ملحوظًا في أدائها، حيث أعاد للأعلام الحكومي مكانته، وجعل من وكالة السودان للأنباء هيئة رسمية ذات تأثير كبير في نقل الأخبار وتعزيز دور الدولة في الإعلام. لقد أثبت الأعيسر قدرته على تفعيل العمل الإعلامي بشكل مميز، مما عزز من حضور الحكومة في الساحة الإعلامية المحلية والدولية.

 

أحد أبرز إنجازاته كان إعادة هيبة منصب الناطق الرسمي باسم الحكومة، حيث استطاع أن يعيد المكانة الحقيقية لهذا المنصب بما يتماشى مع الظروف الحالية ويعكس أهمية الرسائل الإعلامية الموجهة من قبل الحكومة. وقد عمل مع كوكبة من الموظفين المتميزين على تحقيق هذا الهدف، منهم وكيلة الوزارة الأستاذة سمية الهادي، التي قامت بدور كبير في إدارة الملفات الإعلامية، وأظهرت احترامًا واهتمامًا كبيرًا لكل من يقصد الوزارة من مواطنين ووسائل إعلام.

 

كما ساهم المهندس إبراهيم موسى، مدير وكالة السودان للأنباء، في تعزيز دور الوكالة بشكل ملحوظ، وجعلها في مقدمة الهيئات الإعلامية في البلاد. وكان هناك تضافر بين جهود الإعلام الحكومي بكل فروعه، مما جعل الوزارة واحدة من أكثر الوزارات تقدمًا وفاعلية، خاصة في سياق معركة الكرامة التي خاضتها البلاد في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

 

من جهة أخرى، يعكس تعيين الأستاذ خالد الأعيسر لبعض الشخصيات الإعلامية البارزة في مناصب حساسة داخل الوزارة، مثل الدكتورة عفراء فتح الرحمن والأستاذ محمد حامد جمعة كملحقين إعلاميين في كل من القاهرة وأديس أبابا، رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز حضور السودان الإعلامي في الخارج. وقد أجمعت الأوساط الإعلامية على أن هذا الاختيار كان موفقًا، إذ أن كلًا من الدكتورة عفراء والأستاذ محمد حامد يمتلكان خبرات إعلامية متميزة تجعلهم مؤهلين للقيام بهذا الدور المهم.

 

ومع ذلك، ورغم الجهود التي بذلها الأعيسر وفريقه، واجهت الوزارة تحديًا كبيرًا عندما تدخل بعض الأطراف لعرقلة قرار تعيين الملحقين الإعلاميين، مما أدى إلى تجميد القرار من قبل مجلس الوزراء. هذا الموقف أثار احتجاجات واسعة من قبل عدد من الأصوات الإعلامية، التي اعتبرت أن تجميد القرار يشكل إضعافًا لدور الإعلام في هذه المرحلة الحرجة.

 

في الواقع، يعد دور الملحق الإعلامي في السفارات من الأدوار الحيوية في أي دولة، حيث يعمل على إدارة العلاقات الإعلامية مع الصحافة العالمية والتصدي لحملات الإعلام المعادية. في وقت الأزمات، كما هو الحال في السودان، يصبح دور الإعلام الخارجي أكثر أهمية، حيث يتم رصد الأخبار والتعامل مع الأحداث المتسارعة التي تستهدف صورة البلاد في العالم الخارجي.

 

وتأتي أهمية هذا الدور في ظل ما يشهده الإعلام العالمي من تضارب في المعلومات والأخبار، خاصة في فترات الأزمات. لذا، فإن إنشاء ملحقيات إعلامية في سفارات السودان في الخارج، والتنسيق مع وسائل الإعلام العالمية، يعد أمرًا ضروريًا للدفاع عن الدولة في الساحة الدولية، وخصوصًا في الظروف الصعبة التي تواجهها البلاد.

 

لقد أثبت الإعلام السوداني خلال الأزمة الأخيرة أنه قادر على مواجهة التحديات، إلا أن هناك حاجة ماسة لتطوير الاستراتيجيات الإعلامية في المستقبل. فالإعلام في أوقات الاستقرار يختلف عن الإعلام في أوقات الأزمات، حيث يتطلب الأخير سرعة في الرد وتفاعلاً مع الأحداث في الوقت الفعلي. ولذا، لابد من إنشاء فرق متخصصة في إدارة الإعلام في الأزمات، مزودة بالمهارات والتدريبات اللازمة لمواكبة سرعة الأحداث.

 

وبناءً على ما سبق، نجد أن الأستاذ خالد الأعيسر كان محقًا في اختياراته، وكان التعيين المقترح للملحقين الإعلاميين خطوة استراتيجية هامة. لكن للأسف، أعاق بعضهم هذه الخطوة بدون مبرر واضح، مما أضاع فرصة كبيرة للاستفادة من هذه الكوادر الإعلامية التي كان يمكنها أن تساهم في تعزيز صورة السودان الإعلامية في الخارج.

 

إن وزير الإعلام الأستاذ خالد الأعيسر، بفضل رؤيته الاستراتيجية وعمله الجاد، قد أظهر التزامًا حقيقيًا بتطوير الإعلام السوداني وجعل الوزارة في مقدمة الوزارات. ورغم التحديات التي واجهته في بعض القرارات، إلا أن جهوده تبقى ملهمة للمستقبل، ويجب أن يكون هناك دعم كامل للمضي قدمًا في تطوير الإعلام السوداني بما يتناسب مع الأوضاع المتغيرة في الساحة الوطنية والدولية.